للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما الفرق بين الجن والشيطان؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ما الفرق بين الجن والشيطان؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الجن هو ذلك العالم الخفي الذي خلقه الله تعالى من النار، خلقه الله تعالى لعبادته، كما قال تعالى:) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذريات/٥٦. وقد بعث نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس جميعاً.

ووجود هذا العالم من الأمور المعلومة في دين الإسلام، ومن أنكره كفر؛ لأنه أنكر شيئا ثابتاً في القرآن الكريم، فإن من سور القرآن سورة كاملة اسمها سورة " الجن ".

ولما كان هذا العالم – عالم الجن – مكلفا بالتكاليف الشرعية، مأمورا بالإيمان بوحدانية الله، وعبادة الله وحده لا شريك له، واتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وجد فيه من أطاع وآمن، ومن عصى وخالف وكفر.

وقد أخبرنا الله سبحانه عن ذلك على لسان الجن، فقال عز وجل: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا. وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) الجن/١٤-١.

والشيطان اسم لما كفر من الجن، فلا يقال لمؤمن الجن: شيطان، وإنما يقال ذلك لكافرهم.

قال الله عز وجل: (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) الكهف/٥٠.

قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (١/١٦) :

" الشيطان مشتق من البعد على الصحيح، ولهذا يسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانا، قال الله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) " انتهى.

وثبت في الصحيحين ما يدل على أن الشياطين من الجن، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالَ: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا مَا حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي حَدَثَ؟ فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. قَالَ: فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلَةَ، وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ، تَسَمَّعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: (يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ) رواه البخاري (٤٩٢١) ومسلم (٤٤٩) .

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٨/٦٧٥) :

" وفي الحديث إثبات وجود الشياطين والجن، وأنهما لمسمى واحد، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإيمان؛ فلا يقال لمن آمن منهم إنه " شيطان " " انتهى.

وقال الرازي في "مفاتيح الغيب" في تفسير سورة الحجر الآية ٢٧:

" الأصح أن الشيطان قسم من الجن: فكل من كان منهم مؤمناً فإنه لا يسمى بالشيطان، وكل من كان منهم كافرا يسمى بهذا الاسم " انتهى.

وانظر جواب السؤال رقم (١٠٢٣٧٣) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>