تقدمت لخطبة فتاة متدينة وليست جميلة، فهل أتزوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لخطبة فتاة متدينة جدا وليست جميلة، وأرغب بزوجة أجمل، فما الصواب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من المقاصد العظيمة التي شرع الزواج لأجلها، تحقيق العفة، وإحصان النفس، وقصر الطرف عن الحرام، ولتحقيق ذلك جاءت الشريعة بالحث على النظر إلى المخطوبة قبل الزواج بها، ليكون أدعى لتحقيق المودة والألفة والمحبة بينهما، فتنشأ أسرة سعيدة، أساسها المحبة والمودة والاحترام، فلا تطمع نفس أحد الزوجين إلى غير ما أحل الله له، ولهذا كان الجمال واحدا من الصفات التي يستحب الحرص عليها والالتفات إليها.
جاء في "شرح منتهى الإرادات" من كتب الحنابلة (٢/٦٢١) :
" ويسن أيضا تَخَيُّرُ الجميلة، لأنه أسكن لنفسه، وأغض لبصره، وأكمل لمودته؛ ولذلك شرع النظر قبل النكاح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النِّسَاءِ خَيرٌ؟ قال: التِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِليهَا، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَر، وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفسِهَا وَلا فِي مَالِهِ بِمَا يَكرَهُ) رواه أحمد (٢/٢٥١) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١٨٣٨) " انتهى.
وقد استحب بعض أهل العلم إذا أراد الرجل خطبة الفتاة أن يبدأ بالسؤال عن جمالها أولا، ثم يسأل عن الدين، وذلك لما عُلِمَ من رغبة الناس بالجمال في المقام الأول.
يقول الإمام البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (٢/٦٢١) :
" ولا يسأل عن دينها حتى يُحمد له جمالها، قال أحمد: إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولا، فإن حُمد سأل عن دينها، فإن حمد تزوج، وإن لم يحمد يكون ردها لأجل الدين، ولا يسأل أولا عن الدين، فإن حُمد سأل عن الجمال، فان لم يحمد ردَّها للجمال لا للدين " انتهى.
وإنما المذموم أن يسعى المرء في طلب الجمال، وينسى الخلق والدين - وهما أساس السعادة والصلاح -، ولما كان هذا حال أكثر الناس، جاء الحديث الشريف يحثهم على الظفر بذات الدين والخلق، ليوقف اندفاع الناس إلى المظهر، وغفلتهم عن الحقيقة والمخبر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ)
رواه البخاري (٤٨٠٢) ومسلم (١٤٦٦)
قال النووي في "شرح مسلم" (١٠/٥٢) :
" الصحيح في معنى هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة، فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدين، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين " انتهى.
وليس القول باستحباب قصد الجمال في المخطوبة يعني اشتراط الجمال الفائق، فيضع الشاب في مخيلته صورة فتاة من أجمل نساء الدنيا، ويقطع العمر بحثا عن تلك الصورة التي يريد، والغالب أنه لا يجدها، وإن وجدها فقد تكون ضعيفة الدين والخلق.
بل المراد من الجمال هو الجمال الذي يعف المرء به نفسه عن الحرام، ويقصر به نظره عن غيرها من النساء، ومقياسه يختلف في كل شخص بحسبه، والفصل فيه يرجع إلى رأي المتقدم للخطبة.
فالنصيحة لك - أخي السائل – أن لا تقدم على خطبة فتاة، إلا إذا كنت تعلم أنها على المستوى الذي يكفيك من الجمال والقبول، حتى لا تكون المسالة مجرد حماس في أول الأمر، ثم تفتر نفسك، أو تبدأ في التطلع إلى وضع جديد، وهنا يبدأ مشوار عسير من المشكلات في الحياة الزوجية.
ومع كل ذلك، فليكن مقياس الدين حاكما على كل ما سواه.
وبهذه النظرة المتوازنة، والتفكير المتزن، تقوم الحياة الزوجية السعيدة، إن شاء الله تعالى.
أسأل الله أن يوفقك ويكتب لك الخير.
وانظر جواب السؤال رقم (٨٣٩١) و (٢١٥١٠)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب