للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم اجتماع طائفة على طعام، كلٌّ يُحضر معه منه شيئاً؟

[السُّؤَالُ]

ـ[انتشر في الآونة الأخيرة عادة في أوساط المسلمين لا أدري من أين منشؤها، لكن على ما يبدو أنها جُلبت من الكفار، هذه العادة تسمَّى حفلة الطبق الواحد، خلاصة هذه الحفلة: أن رب البيت - أو المضيّف - يطلب من كل شخص من الضيوف أن يحضر طبقاً مطبوخاً معه إلى الحفلة، فيشترك الجميع في الأكل منه، والغرض من ذلك: أن رب المنزل - أو صاحب الحفلة - لا يبقى عليه إلا الأشياء اليسيرة، وأن لا يُشغَل بالطبخ وغيره، ما جعلني أستنكر هذا النوع من الحفلات: أن ذلك مخالف لسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يُطعم ضيفه من أحسن ما لديه، وكان يحث على إكرام الضيف، والإكرام لا يتأتى إلا عن طريق الطبخ لهم، وإعطائهم أفضل الأطعمة، لا أن يُطلب من الضيف أن يحضر طعامه معه، فما رأي الشرع في مثل هذه الحفلات؟ وهل ترون أنه من المناسب الذهاب والتواصي على الحضور والمشاركة في مثل هذه الحفلات؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا شك أن إطعام الطعام من مكارم الأخلاق، ونبل النفوس، وقد حث عليه الشرع، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه قَالَ: أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ) رواه الترمذي (٢٤٨٥) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

وقد أوجب الإسلام إكرام الضيف، والقيام بحقه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) رواه البخاري (٦٠١٨) ومسلم (٤٧) .

والمراد بالضيف الذي يجب إكرامه هو: هو ضيف السفَر، وهو القادم من بلد آخر، وليس الزائر له من جيرانه، أو أصدقائه من بلده؛ وإكرام هذا الثاني (الزائر) مطلوب، ويدخل في عمومات الشريعة التي تحث على فعل الخير، والإحسان إلى الناس، وتحسين الخلق معهم.

فالضيف المسافر هو الذي له حق في طعام المضيف، وهذا لا ينطبق على الزائر الذي يمكن أن تقول له: "ارجع"، كما قال تعالى: (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) النور/٢٨.

وانظر جواب السؤال رقم (١٢٨٧٩١) .

وعليه: فما يفعله أولئك المشار إليهم في السؤال لا حرج فيه.

ثم على فرض أنهم ضيوف يجب إكرامهم فقد رضوا هم بإسقاط حقهم، وأنهم يأتون بالطعام معهم، ولا حرج في ذلك.

ولهذا، لا نرى أن فعلهم هذا يخالف الشرع، أو يناقض المروءة، بل يدل على ترابطهم، وقوة صلتهم، بعضهم ببعض.

ونحن نشكر لك غيرتك على السنَّة، ونسأل الله أن يفقهنا وإياك في دينه، وأن يثبتنا على الحق.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>