للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدفع مبلغا مقدما للمؤجر في مقابل أن يخفض له أجرة المسكن

[السُّؤَالُ]

ـ[انتشر عندنا في المغرب بكثرة ظاهرة رهن السكن , ولقد قمت بمراجعة الفتاوى المطروحة في الموقع , لكن قضيتي تختلف بعض الشيء , وهو أنه عندنا زيادة على دفع ثمن الرهن، فإنني أدفع مبلغاً متواضعاً شهرياً كإيجار, مثلا ; ثمن إيجار سكن هو ١٠٠٠ درهم لكن في حالة الرهن يتغير ثمن الكراء, إذ عندما أتفق مع صاحب السكن على الرهن لمدة سنة بثمن ٢٠٠٠٠ ألف درهم سوف يقوم في مقابل تسليفه المبلغ المذكور لهذه المدة بتنزيل ثمن الكراء الشهري إلى النصف, يعني ٥٠٠ درهم , فما رأي سيادتكم في الأمر؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ما فهمناه من سؤالك أنك ستستأجر سكنا لمدة سنة، وتدفع مقدما قدره ٢٠٠٠٠، وفي مقابل ذلك سيخفض المؤجر الإيجار من ١٠٠٠ درهم إلى ٥٠٠ درهم، مقابل انتفاعه بالمبلغ المقدم.

وإذا كان هذا المقدم سيعاد إليك في نهاية المدة، فإنه يعتبر قرضا منك للمؤجر، وهو قرض ربوي لأنه يجر منفعة لك، وهي تخفيض الأجرة من ١٠٠٠ إلى خمسمائة، فكأنك أقرضته ٢٠٠٠٠ ليردها ٢٠٦٠٠، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا.

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرضٍ جَرَّ منفعة. ولأنه [يعني: التسليف] عقد إرفاق وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه " انتهى من "المغني" (٦/٤٣٦) .

ولا يخفى عليك ما جاء في الربا من الوعيد الشديد، فهو كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وفاعله مُتوعَّد بالحرب من الله تعالى، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/٢٧٨-٢٧٩.

وروى مسلم (١٥٩٨) عن جابر قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء) .

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم، أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية) رواه أحمد (٢١٤٥٠) والطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٣٣٧٥)

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يغنيك بالحلال عن الحرام.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>