للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا مات الزوجان في حادث معا فمن يرث الآخر؟

[السُّؤَالُ]

ـ[عندي قريبة توفاها الله هي وزوجها معا في حادث ولم يمض على زواجهما إلا خمس شهور تقريباً وكان هذا الزواج الأول لها، أما هو كان لديه زوجة أولى وأولاد وبنات وعندما مات لا تزال على ذمته. سؤالي: قريبتي الزوجة الثانية من يرثها؟ وفيم ينحصر إرثها؟ والذهب الذي أحضره الزوج المتوفى لها في العرس من حق مَنْ؟ ورثتها هي أم ورثة الزوج؟ أم الاثنين معاً؟ وكيف يقسم؟ مع العلم أن له أبناء وبنات وأب وإخوة، وهي لديها أم وأختان وأخ. ومؤخرها المتفق عليه في عقد الزواج، هل يعطيه أهل الزوج لورثتها أم يسقط حقها وحقهم فيه؟ ولها منزل خاص بها استأجره الزوج ليكون بيتاً للزوجية وفرشه وأثثه، لمن يعود الأثاث والفرش؟ وله منزل ملك له تقيم فيه زوجته الأولى وأبناؤها، هل لقريبتي أن ترث فيه وفيما ترك زوجها أم لا؟ نرجو التوضيح المفصل والكامل الله يبارك فيكم.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

إذا مات الميت ورثه ورثته الأحياء، ولابد أن نتحقق من حياة الوارث بعد موت المورِّث.

ففي الصورة المسؤول عنها: إذا تبين لنا أن أحد الزوجين تأخرت وفاته عن الآخر ولو بلحظة، فإن المتأخر في الوفاة يرث الآخر، ثم ينتقل الإرث إلى ورثته بعد ذلك.

أما إذا لم نعلم أي الزوجين مات أولاً، فإن جمهور العلماء على أنه لا يثبت التوارث بينهما، فلا يرث أحدهما الآخر، لأن من شروط الإرث: أن نتحقق من حياة الوارث بعد موت المورِّث، وهذا الشرط مفقود هنا.

فتقسم تركة الزوج على ورثته، ولا ترث منه الزوجة شيئاً.

وتقسم تركة الزوجة على ورثتها، ولا يرث منها الزوج شيئاً.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكم ما لو مات جماعة يتوارثون في حادث عام، قال:

"فمتى وقع ذلك فلا يخلو من خمسة أحوال:

الأولى: أن نعلم المتأخر منهم بعينه فيرث من المتقدم ولا عكس.

الثانية: أن نعلم أن موتهم وقع دفعة واحدة فلا توارث بينهم، لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت مورثه حقيقةً أو حكماً ولم يوجد.

الثالثة: أن نجهل كيف وقع الموت هل كان مرتباً أو دفعة واحدة.

الرابعة: أن نعلم أن موتهم مرتب، ولكن لا نعلم عين المتأخر.

الخامسة: أن نعلم المتأخر ثم ننساه.

وفي هذه الأحوال الثلاث [الأخيرة] لا توارث بينهم عند الأئمة الثلاثة [أبو حنيفة ومالك والشافعي] وهو اختيار الموفق ابن قدامة والمجد والشيخ تقي الدين ابن تيمية وشيخنا عبد الرحمن السعدي، وشيخنا عبد العزيز بن باز، وهو الصحيح، لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت المورث حقيقةً أو حكماً، ولا يحصل ذلك مع الجهل، إلا أن الشافعية قالوا في الحال الأخيرة: يوقف الأمر حتى يذكروا أو يصطلحوا، لأن التذكر غير ميؤوس منه" انتهى من "تسهيل الفرائض" (صـ ١٤٢، ١٤٣) .

وعلى هذا؛ فعند تقسيم تركة الزوجة:

إن كان الزوج قد تأخرت وفاته عن الزوجة، فإنه يرث منها، وتقسم تركتها كما يلي:

الزوج له النصف، والأم لها السدس، والأخ والأختان لهم الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن كنا لا نعلم أن الزوج تأخرت وفاته عنها، فتقسم تركتها على الأم والإخوة كما يلي:

للأم السدس، والباقي للإخوة للذكر مثل حظ الأنثيين.

وأما تقسيم تركة الزوج:

فإن كانت الزوجة قد تأخرت وفاتها عنه، فإنها ترثه، وتقسم تركته كما يلي:

للزوجتين معاً الثمن، وللأب السدس، والأبناء لهم الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا شيء للإخوة.

فإن لم نعلم أالزوجة ماتت بعده، فإنها لا ترثه، ويقسم ميراثه كالتقسيم السابق، فللأب السدس، وللزوجة الأولى الثُّمن كاملاً، وللأبناء الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.

ثانياً:

تركة قريبتك هي جميع ما تركته من مال تملكه، فيدخل في ذلك: مهرها الذي أعطي لها من ذهب أو نقود، وكذلك الهدايا التي أعطيت لها؛ لأنها أصبحت ملكا لها.

وأما مؤخر صداقها: فهو دين على الزوج، فلابد من أخذه من تركته ويضاف على تركتها، ثم يقسم على ورثتها.

ويدخل في التركة: ديتها في حال كون الحادث تسبب فيه إنسان، زوجها أو غيره، وطالب ورثتها بالدية، أو دفع التأمين لهم ديتها.

وأما أثاث البيت وفرشه، فهو ملك للزوج، إلا إذا كان جزءا من المهر كما هو العرف في بعض البلدان، أو كان شيء منه أهداه الزوج لزوجته.

ثالثاً:

تركة الزوج: ما تركه من مال مملوك له، ومنه: منزله الذي يملكه، وهذه التركة توزع على جميع ورثته.

وينبغي أن يرجع في مسألة الميراث هذه إلى المحكمة الشرعية لتتولى حصر الورثة وحصر التركة، ومعرفة ملابسات الوفاة ومن توفي من الزوجين أولا، ولأن توارث الزوجين في مثل هذه الحالة فيه خلاف بين الأئمة فالذي يتولى حسم الخلاف بين الورثة هو القاضي.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>