للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل المسجد الأقصى يعتبر حرماً؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل المسجد الأقصى يعتبر حرماً كحرم مكة والمدينة؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً: المسجد الأقصى له فضيلة على غيره من المساجد، فأفضل المساجد على الإطلاق المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى.

وهذه المساجد الثلاثة هي المساجد التي يشرع السفر إليها للعبادة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا) رواه البخاري (١٩٩٦) .

والصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة.

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه من الأرض حيث يَرى منه بيت المقدس خيراً له من الدنيا جميعاً ". رواه الحاكم (٤ / ٥٠٩) وصححه ووافقه الذهبي والألباني كما في " السلسلة الصحيحة " في آخر الكلام على حديث رقم (٢٩٠٢) .

(شطن فرسه) هو حبل الفرس.

والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة، فتكون الصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة.

وأما الحديث المشهور أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة: فضعيف. انظر " تمام المنة " للشيخ الألباني رحمه الله (ص ٢٩٢) .

ثانياً: الحرم له أحكام تخصه، شرعها الله تعالى.

منها: تحريم القتال فيه.

ومنها: أنه يحرم صيد الحيوانات والطيور الموجودة به، ويحرم قطع نباته الذي نبت بفعل الله تعالى ولم يزرعه أحد.

وقد امتن الله تعالى على أهل مكة بأن جعل لهم مكة حرما آمناً، يأمن فيه الناس والدواب، قال الله تعالى: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) القصص/٥٧.

وقال: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) العنكبوت / ٦٧.

وقال تعالى: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) البقرة / ٩٧.

وروى مسلم (١٣٦٢) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ. . . لا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا وَلا يُصَادُ صَيْدُهَا) .

والعضاه كل شجر فيه شوك، وإذا حُرِّم قطعُ الشجر الذي فيه شوك فتحريم قطع الشجر الذي لا شوك فيه من باب أولى.

وروى مسلم (١٣٧٤) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَمًا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ. . . أَنْ لا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ، وَلا يُحْمَلَ فِيهَا سِلاحٌ لِقِتَالٍ، وَلا تُخْبَطَ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلا لِعَلْفٍ. . . الحديث) .

قال النووي:

فِيهِ: جَوَاز أَخْذ أَوْرَاق الشَّجَر لِلْعَلْفِ , وَهُوَ الْمُرَاد هُنَا بِخِلَافِ خَبْط الْأَغْصَان وَقَطْعهَا ; فَإِنَّهُ حَرَام اهـ.

والقدس ليس حرماً بهذا المعنى باتفاق المسلمين، وقد توسع الناس في إطلاق هذا الوصف (أعني: الحرم) فصارت القدس حرماً! وصار مسجد إبراهيم الخليل في فلسطين حرما! بل صارت الجامعات يقال عنها: الحرم الجامعي!!! وليس هناك حرم في الأرض إلا حرم مكة، والمدينة، ووادٍ بالطائف اسمه (وُج) اختلف العلماء فيه هل هو حرم أم لا؟

قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (٢٧/١٤-١٥) :

وليس ببيت المقدس مكان يسمى حرما ولا بتربة الخليل ولا بغير ذلك من البقاع، إلا ثلاثة أماكن:

أحدها: هو حرم باتفاق المسلمين، وهو حرم مكة، شرفها الله تعالى.

والثاني: حرم عند جمهور العلماء، وهو حرم النبي (يعني المدينة النبوية) فإن هذا حرم عند جمهور العلماء، كمالك والشافعي وأحمد، وفيه أحاديث صحيحة مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والثالث: وُج، وهو وادٍ بالطائف، فإن هذا رُوِيَ فيه حديث، رواه أحمد في المسند، وليس في الصحاح، وهذا حرم عند الشافعي لاعتقاده صحة الحديث، وليس حرماً عند أكثر العلماء، وأحمد ضعف الحديث المروى فيه فلم يأخذ به.

وأما ما سوى هذه الأماكن الثلاثة فليس حرماً عند أحد من علماء المسلمين، فإن الحرم ما حرم اللهُ صيده ونباته، ولم يحرم الله صيد مكان ونباته خارجا عن هذه الأماكن الثلاثة اهـ.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>