للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخرج الزكاة عنه بغير إذنه، فهل تجزئه؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أقرضت شخصاً ٦٠٠٠٠ ألف ريال، وبعد أن حال الحول على القرض قام بإخراج الزكاة عن مالي الذي أقرضته، بنية الزكاة ثم أخبرني بذلك فوافقت، فهل تبرأ الذمة بهذا أو أنه يلزمني إخراج الزكاة مرة أخرى؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يشترط في إخراج الزكاة: النية؛ لأن الزكاة عبادة وقربة تحتاج إلى نيةٍ من المخرج، وقد قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) البينة/٥، وقال تعالى: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ) وقال تعالى: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) الزمر/٢، ولقوله عليه الصلاة والسلام: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) رواه البخاري (١) ، ومسلم (١٩٠٧) ، فدل ذلك على أن الزكاة لا تصح إلا بنية.

قال النووي رحمه الله:

"لا يصح أداء الزكاة إلا بالنية، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وداود وجماهير العلماء ; لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) ; وشذ عنهم الأوزاعي فقال: لا تجب ويصح أداؤها بلا نية كأداء الديون" انتهى من "المجموع" (٦/١٥٨) .

وقال ابن قدامة في "المغني" (٢/٢٦٤) :

"مذهب عامة الفقهاء أن النية شرط في أداء الزكاة , إلا ما حكي عن الأوزاعي أنه قال: لا تجب لها النية" انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

إذا كان المدين أخرج الزكاة عن الدين الذي عليه بدون إذن صاحبه وأخرجها ليس عن نفسه ولكن عن صاحب الدين، فهل تجزئ عن صاحب الدين أو يلزمه إخراجها مرة أخرى؟

فأجاب: "كل من أخرج زكاة عن شخص لم يوكله، فإنها لا تجزئه عنه؛ لأن الزكاة لابد فيها من النية، وليست كقضاء الدين، قضاء الدين، إذا قضيت ديناً عن شخص بدون إذنه ونويت الرجوع عليه ترجع عليه، أما الزكاة، فإنها لا تصح إذا أخرجتها عن شخص بدون توكيله، وذلك لأن الزكاة عبادة تحتاج إلى نية لمن هي عليه، وإذا لم يوكلك، فإنك تكون قد أخرجتها عنه بدون نية منه، وحينئذ لا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) " انتهى من "نور على الدرب".

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (٩/٢٤٥) : " تجب الزكاة على مالكه، إذا بلغت ثمرة ما يملكه نصاباً وعليه أن ينوي بما يخرجه الزكاة؛ لأن الزكاة عبادة فلا بد لصحتها من النية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) ، فلا يجزئ أن يخرج عنه غيره، إلا إذا أذن له في إخراجها.." انتهى.

وعلى هذا، فالزكاة التي أخرجها المدين بدون إذنك وتوكيلك لا تجزئك، ويجب عليك إخراجها مرة أخرى، ويكون ما دفعه المدين صدقة تطوع عن نفسه.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>