للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يلزم من رأى هلال رمضان وحده أن يصوم؟

[السُّؤَالُ]

ـ[رأى شخص هلال رمضان وحده هل عليه أن يصوم؟ وإذا كان كذلك هل من دليل؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

من رأى هلال رمضان وحده، أو رأى هلال شوال وحده، وأخبر به القاضي أو أهل البلد فلم يأخذوا بشهادته، فهل يصوم وحده، أو لا يصوم إلا مع الناس؟ في ذلك ثلاثة أقوال لأهل العلم:

القول الأول: أنه يعمل برؤية نفسه في الموضعين، فيصوم في أول الشهر ويفطر في آخره منفرداً، وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.

غير أنه يفعل ذلك سراً حتى لا يعلن بمخالفة الناس، وحتى لا يؤدي ذلك إلى إساءة الظن به، حيث يراه الناس مفطراً، وهم صائمون.

القول الثاني: أنه يعمل برؤية نفسه في أول الشهر، فيصوم منفرداً، أما في آخر الشهر، فلا يعمل برؤية نفسه وإنما يفطر مع الناس.

وهذا مذهب جمهور العلماء منهم (أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله) .

وقد اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، قال: " وهذا من باب الاحتياط، فنكون قد احتطنا في الصوم والفطر. ففي الصوم قلنا له: صم، وفي الفطر قلنا له: لا تفطر بل صم " انتهى من الشرح الممتع " (٦/٣٣٠) .

والقول الثالث: أنه لا يعمل برؤية نفسه في الموضعين، فيصوم ويفطر مع الناس.

وإليه ذهب الإمام أحمد رحمه الله في رواية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل له بأدلة كثيرة، قال رحمه الله: " والثالث: يصوم مع الناس ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون) رواه الترمذي وقال: حسن غريب. ورواه أبو داود وابن ماجه وذكر الفطر والأضحى فقط. ورواه الترمذي من حديث عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون) قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب قال: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا: الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس " انتهى من "مجموع الفتاوى" (٢٥/١١٤) .

واستدل أيضا: بأنه لو رأى هلال ذي الحجة منفرداً فلم يقل أحد من العلماء إنه يقف في عرفة وحده.

وذكر أن أصل المسألة هو " أن الله سبحانه وتعالى علق الحكم بالهلال والشهر فقال تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) والهلال: اسم لما يُستهل به، أي يُعلن به ويُجهر به. فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالا.

وكذا الشَهر مأخوذ من الشُّهرة، فإن لم يشتهر بين الناس لم يكن الشهر قد دخل. وإنما يغلط كثير من الناس في مثل هذه المسألة لظنهم أنه إذا طلع في السماء كان تلك الليلة أول الشهر، سواء ظهر ذلك للناس واستهلوا به أو لا. وليس كذلك، بل ظهوره للناس واستهلالهم به لابد منه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون) أي هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت الصوم والفطر والأضحى، فإذا لم تعلموه لم يترتب عليه حكم " انتهى من " مجموع الفتاوى " (٢٥/٢٠٢) .

وهذا القول أفتى به الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

" مجموع فتاوى الشيخ " (١٥/٧٢) .

وحديث: (الصوم يوم تصومون ... ) صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي برقم (٥٦١)

وانظر مذاهب الفقهاء في: " المغني " (٣/٤٧، ٤٩) ، " والمجموع " (٦/٢٩٠) ، "والموسوعة الفقهية " (٢٨/١٨)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>