للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يترك صلاة الجماعة بسبب العمل

[السُّؤَالُ]

ـ[والدي أحياناً لا يذهب إلى صلاة الفجر والتراويح بسبب الضغط الشديد في عمله، فهل هذا يجوز أم لا؟ مع العلم أن والدي - في العادة - في رمضان لا يترك صلاة التراويح إلا إذا كان مريضاً، وهو متدين أيضاً - والحمد لله - ولكن الآن من ضغط عمله فلا يذهب أحياناً إلى الصلاة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الصلاة في الجماعة واجبة في جميع الأوقات لقول الله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ) النساء/١٠٢. فأوجب سبحانه تعالى الصلاة في الجماعة في حال الحرب، فكيف بحال السلم؟

وروى البخاري (٦٠٨) ومسلم (١٠٤٠) أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤمَّ ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأُحرق عليهم بيوتهم) ، وفي صحيح مسلم (١٠٤٤) (أن رجلاً أعمى جاء إلى النبي فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله أن يرخص له في بيته، فرخَّص له فلما ولَّى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب) ، فينبغي للمسلم أن يحافظ على الصلاة في الجماعة في جميع الأوقات وأن لا يشغله عنها شاغل من شواغل الدنيا.

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) المنافقون/٩، فعليك أن تنصحي والدك وتذكريه بهذه الأدلة الصحيحة بالحكمة والموعظة الحسنة.

وهذا الحكم هو لصلاة الجماعة في الصلوات الخمس، أما التراويح فأمرها أيسر من ذلك، فيجوز للمسلم أن يصليها في بيته، وإن كان الأفضل أن يصليها جماعة في المسجد.

ولا يجوز للمسلم أن يرهق نفسه في أعمال الدنيا على حساب عبادته وصلاته، وقد وصف الله تعالى المؤمنين أنهم لا تلهيهم تجارتهم ولا بيعهم عن ذِكر الله وإقام الصلاة فقال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ. رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ. لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) النور/٣٦–٣٨.

وفي ختم الآيات بقوله تعالى (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) إشارة إلى أمر ينبغي التفطن له لمن بذل وقته في التجارة والعمل على حساب طاعته لربه، وهو أن الرزق بيد الله يرزقه من يشاء بغير حساب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: (أيها الناس، اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم) رواه ابن ماجه (٢١٤٤) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " (١٦٩٨) .

فلا مانع من بذل الأسباب في الرزق لكن ينبغي على المسلم أن لا يبالغ في العمل فيبذل له وقته كله على حساب طاعته وصحته وتربية أبنائه، وعليه أن يسدد ويقارب.

فنرجو أن يقف والدك على ما قلناه ويتأمله حق التأمل، ونسأل الله تعالى أن يهديه لأحسن الأقوال والأفعال والأخلاق، وأن يرزقه رزقا حسناً طيبا مباركاً فيه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>