للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منع الحمل منعاً مستمراً حرام إلا للضرورة

[السُّؤَالُ]

ـ[أعاني من مرض شديد جدا خلال فترة الحمل يستمر معي حتى الإنجاب تقريبا، وبخاصة الأشهر الثلاثة الأولى، حتى إنني قضيت ما يجاوز الشهرين بالمستشفى، وخلال هذه الفترة أتوقف تماما عن الأكل والشرب، وأكره كل شئ وتكون تغذيتي عن طريق حقن التغذية بالمستشفى، فهل يجوز لي في هذه الحالة إيقاف الحمل والإنجاب كليا أم لا يجوز؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله:

أولاً:

جاءت الشريعة الإسلامية بالترغيب في النكاح وزيادة النسل تكثيراً للأمة الإسلامية، وتحقيقاً لمباهاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سائر الأمم يوم القيامة، وتمشياً مع الفطرة الإنسانية حتى إن أنبياء الله تعالى ورسله صلوات الله وسلامه عليهم قد دعوا الله تعالى أن يرزقهم الذرية الصالحة، فقد ذكر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام قوله: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات:١٠٠)

وقال تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) (الانبياء:٨٩)

وذكر الله تعالى من دعاء عباد الله الصالحين أدعية كثيرة منها قوله: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:٧٤) وسيظل الناس كذلك ما سلمت فطرتهم.

ثانياً:

سبق في إجابة السؤال رقم (٢١١٦٩) أن منع الحمل منعاً مستمراً حرام.

غير أنه يستثنى من ذلك ما دعت إليه الضرورة، كما هي قاعدة الشريعة في جميع المحرمات – أنها تباح للضرورة – قال الله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) (الأنعام: ١١٩)

فإذا كانت المرأة ضعيفة أو مريضة يضرها الحمل أو يُخشى عليها بسببه جاز لها أن تستعمل ما يمنع الحمل.

وقد جاء في بحث أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء قولهم:

" ... وعلى هذا يكون تحديد النسل محرماً مطلقاً، ويكون منع الحمل محرماً إلا في حالات فردية نادرة لا عموم لها، كما في الحالة التي تدعو الحامل إلى ولادة غير عادية، ويضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، وفي حالة ما إذا كان على المرأة خطر من الحمل لمرض ونحوه، فيستثنى مثل هذا منعاً للضرر، وإبقاء على النفس، فإن الشريعة الإسلامية جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد وتقديم أقوى المصلحتين وارتكاب أخف الضررين عند التعارض " اهـ

مجلة البحوث الإسلامية (٥/١٢٧)

وقد سئل الشيخ ابن باز عن امرأة أنجبت عشرة أولاد وصار الحمل يضرها، وتريد أن تعمل ما يسمى بعملية " الربط "

فأجاب:

" لا حرج في العملية المذكورة إذا قرر الأطباء أن الإنجاب يضرها بعد سماح زوجها بذلك " اهـ.

فتاوى المرأة المسلمة (٥/٩٧٨)

وقال الشيخ ابن جبرين:

" لا يجوز العلاج لقطع الحمل أو إيقافه إلا عند الضرورة، إذا قرر الأطباء " المعتبرون " أن الولادة تسبب إرهاقاً أو تزيد المرض أو يخاف من الحمل والوضع الهلاك خوفاً غالباً، ولا بد مع ذلك من رضى الزوج وموافقته على القطع أو الإيقاف، ثم متى زال العذر أعيدت المرأة إلى حالتها الأولى " اهـ.

فتاوى المرأة المسلمة (٢/٩٧٧)

وعلى هذا إذا كان ما يصيبك بسبب الحمل إنما هو أمر عارض بسبب مرض أو ضعف يُرجى زواله، فإنك تمنعين الحمل منعاً مؤقتاً حتى يعافيك الله تعالى، وأما إن كان أمراً مستمراً لا يُرجى زواله فلا حرج – إن شاء الله – من منعك الحمل منعاً دائماً.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>