للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس هذا من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم

[السُّؤَالُ]

ـ[رزقنا ببنت وسميناها مهين (MAHIN) . البعض يقولون إن هذا اسم محمد صلى الله عليه وسلم، والآخرون يقولون إن له معنى آخر. ما معنى هذا الاسم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

اجتهد العلماء في جمع أسماء النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في الكتاب والسنة والآثار، واختلفت اجتهاداتهم، في ذلك.

قال ابن كثير - رحمه الله -:

وردت أحاديث كثيرة في ذلك - (يعني: في أسمائه صلى الله عليه وسلم) - اعتنى بجمعها الحافظان الكبيران أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم ابن عساكر، وأفرد الناس في ذلك مؤلفات، حتى رام بعضهم أن يجمع له عليه الصلاة والسلام ألف اسم، وأما الفقيه الكبير أبو بكر بن العربي المالكي شارح الترمذي بكتابه الذي سماه "الأحوذي" فإنه ذكر من ذلك أربعة وستين اسماً.

" البداية والنهاية " (٢ / ٢٥٢) .

وقال ابن القيم - رحمه الله -:

وأسماؤه صلى الله عليه وسلم نوعان:

أحدهما: خاص لا يشاركه فيه غيره من الرسل، كمحمد وأحمد والعاقب والحاشر والمقفي ونبي الملحمة.

والثاني: ما يشاركه في معناه غيره من الرسل، ولكن له منه كمالُهُ، فهو مختص بكمالِهِ دون أصله، كرسول الله ونبيه وعبده والشاهد والمبشر والنذير ونبي الرحمة ونبي التوبة.

وأما إن جُعل له من كل وصف من أوصافه اسم تجاوزت أسماؤه المائتين، كالصادق والمصدوق والرؤوف الرحيم إلى أمثال ذلك، وفي هذا قال من قال من الناس: إن لله ألف اسم، وللنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم، قاله أبو الخطاب ابن دحية، ومقصوده الأوصاف.

" زاد المعاد " (١ / ٨٦)

ثانياً:

وبعد البحث في هذه الأسماء التي جمعها أهل العلم، لم نجد فيها ما ذكره السائل من اسم: (مهين) ، بل لا يجوز أن يكون هذا الاسم من أسمائه صلى الله عليه وسلم؛ لأن معناه لا يليق بمقام النبوة والرسالة.

قال ابن فارس – رحمه الله -:

(مَهِينٌ) أي: حقير، والمَهانة: الحَقَارَة.

" معجم مقاييس اللغة " (٥ / ٢٢٧) .

ثالثا:

لعل السائل تحرف عليه اسم (المُهَيمِن) إلى (المهين) ، فقد ذكر بعض العلماء الاسمَ الأَوَّلَ في أسمائه صلى الله عليه وسلم، وقد تصحف في بعض الكتب إلى (المهين) ، وهو تصحيف فاحش.

وقد استدل من ذكر اسم (المهيمن) في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) المائدة/٤٨.

لكن جمهور المفسرين على أن (مهيمناً) في الآية الكريمة صفة للكتاب وهو القرآن، وليست صفة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد ذكر ابن كثير - رحمه الله - في تفسير (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) أقوالا ثلاثة للسلف: الأمين، والشاهد، والحاكم، ثم قال:

" وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى، فإن اسم (المهيمن) يتضمن هذا كله، فهو أمين، وشاهد، وحاكم على كل كتاب قبله ... .

فأما ما حكاه ابن أبي حاتم عن عكرمة وسعيد بن جبير وعطاء الخراساني وابن أبي نجيح عن مجاهد أنهم قالوا في قوله: (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) يعني: محمَّداً صلى الله عليه وسلم، أمين على القرآن: فإنه صحيح في المعنى، ولكن في تفسير هذا بهذا نظر، وفي تنزيله عليه من حيث العربية أيضا نظر. وبالجملة فالصحيح: الأول.

وقال أبو جعفر بن جرير بعد حكايته له عن مجاهد: وهذا التأويل بعيد من المفهوم في كلام العرب، بل هو خطأ، وذلك أن المهيمن عطف على المصدق، فلا يكون إلا صفة لما كان المصدق صفة له، قال: ولو كان الأمر كما قال مجاهد لقال: " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب مهيمنا عليه " من غير عطف " انتهى.

" تفسير ابن كثير " (٣ / ١٢٨) .

رابعاً:

النصيحة لك أخي الكريم أن تترك كلا الاسمين:

(المهيمن) لأنه من أسماء الله تعالى، ولا يجوز التسمي بما يختص به سبحانه من الأسماء.

قال ابن القيم - رحمه الله -:

" ومما يُمنع تسمية الإنسان به: أسماء الرب تبارك وتعالى " انتهى.

" تحفة المودود " (١٢٠) .

وكذا (المهين) ، لما يحمله من معاني الذل والضعة والهوان، والمسلم عزيز بإسلامه، شريف بإيمانه، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الاسم الحسن، تفاؤلا أن يحمل صاحبه ما فيه من معاني المروءة والشرف.

قال ابن القيم - رحمه الله -:

" فقلَّ أن ترى اسماً قبيحاً إلا وهو على مسمًّى قبيح، والله سبحانه بحكمته في قضائه وقدره يلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها.........

وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أسلم: سالمها الله، وغِفار: غفر الله لها، وعصية: عصت الله ورسوله) متفق عليه. (فهذه قبائل من قبائل العرب، وافقت أسماؤها مسمياتها)

وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها، وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف، فهو كذلك في أسماء الأعلام، وما سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم محمدا وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه، ولهذا كان لواء الحمد بيده، وأمته الحمادون، وهو أعظم الخلق حمدا لربه تعالى، ولهذا أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام بتحسين الأسماء، فقال: (حسِّنوا أسماءكم) – رواه أبو داود وإسناده ضعيف - فإن صاحب الاسم الحسن، قد يستحي من اسمه، وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده، ولهذا ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم، وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم، وبالله التوفيق " انتهى.

" تحفة المودود " (١٣٥) .

وانظر جواب السؤالين رقم (٧١٨٠) و (١٦٩٢) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>