للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم عمل مدرس التربية الرياضية؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أسمع كثيرا من المشايخ يتحدثون عن اللعب أو الرياضة، وقرأت في موقعكم أنه لا يجوز العمل كمحلل رياضي، فهل لا يجوز العمل كمدرس ألعاب في المدارس، مع الرغم أن ممارسة الرياضة ليست في جميع الأوقات، ولا تتعارض مع أوقات الصلاة أو العبادات؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

تعليم رياضة الأبدان الموجود في المدارس اليوم من المِهَن المباحة، بشرط أن يحرص المدرس على اجتناب المحذورات التي تقع كثيرا في هذا المجال: كالاختلاط، وكشف العورات، وتضييع الصلوات، والإغراق في ممارستها حتى تطغى على الواجبات الأخرى.

بل إن لمعلم التربية الرياضية دورا كبيرا في التأثير في نفوس الطلاب وسلوكهم وأخلاقهم، فهو قريب منهم بحكم ممارسته معهم ما يحبون، وبإمكانه استغلال مكانته في قلوبهم لتعليمهم الخلق الحسن والتعامل الطيب، والأخذ بأيديهم للمحافظة على الصلوات والواجبات عملا وتطبيقا وممارسة، فضلا عن الفوائد البدنية والصحية والنفسية التي يجنيها الطلاب من هذه المادة، إذا أخلص المعلم في عمله، ولم يُقَصِّر في رعاية حق الله تعالى وحق الناس عليه.

قال الشيخ ابن عثيمين – كما في "اللقاء الشهري" (١٤/سؤال رقم/٦) :

" أدعو إخواني الذين يمارسون هذه الرياضة، أدعوهم إلى التمسك بالدين، وإن كنت أعلم أن فيهم - ولله الحمد - من هو متمسك تماماً، لكن أحب أن يكونوا دعاة لإخوانهم الآخرين في التمسك بدين الله عز وجل، وإقامة الصلاة جماعة في أوقاتها، واللباس الساتر، ونرجو لهم التوفيق لما فيه الخير والصلاح " انتهى.

وقال الشيخ ابن جبرين:

" القصد من الرياضة تمرين الجسم على الحركة والقوة والمناعة، والقدرة الكبيرة على الحمل للأثقال، والصبر على المشاق؛ فإن الإنسان قد يحتاج إلى نفسه في بعض الأحيان، فمتى كان عنده مناعة وقوة بدنية استطاع المشي على قدميه ولو يومًا أو أيامًا، واستطاع أن يحمل على رأسه متاعه وقوته وغذاءه، فينجو من الهلاك؛ فقد حدث أن قومًا تعطلت بهم سيارتهم في صحراء، والبلاد تبعد عنهم يومًا وليلة، ولم يكن منهم ذو قدرة على إنقاذ نفسه، فماتوا في موضعهم وهم نحو الأربعين إنسانًا، فلذلك نرى الحكومات تدرب جنودها وعمالها وشبابها على المشي والسعي وحمل الأثقال، والصبر على الجوع ونحوه، فهذه فائدة الرياضة البدنية، وهي ما يعود على اللاعب من تمرين بدنه على الحركة وتجشم المشقة، فأما مقابلة اللاعبين، والتفكه بالنظر إلى بعضهم، سواء في الإذاعة المسموعة أو المرئية، أو ما ينشر عنهم من الأخبار، فأرى أن ذلك لا أهمية له، بل هو إضاعة للوقت، وتفويت للثروة المالية، وخسران مبين، رغم ما فيه من المفاسد والتحاسد والمنافسة وقطع المسافات وكثرة النفقات، مع أنها لا تعود على الناظر بفائدة؛ فإن كونه يذهب لمشاهدة المباريات، ويحجز مكانًا بدراهمه، ويجلس في الانتظار ثم النظر عدة ساعات، ثم يتعرض عند الانتهاء والرجوع للزحام والمخاطرة، والوقوع أحيانًا في الحوادث المرورية ونحو ذلك، فكل ذلك مفاسد وأضرار وأخطار عارية عن الفائدة، فماذا يعود عليه من تسريح نظره وتقليب أحداقه في أولئك اللاعبين، وفي قراءته لتلك الصحف التي تعتني بأخبارهم، فيبذل فيها أثمانا طائلة، ويمضي وقتا طويلا في القراءة وتتبع الأخبار.

فننصح المدرب والرياضي أن يحث الطلاب من هواة الرياضة على دخول الميادين والمسابقة والتعلم، وأن يحذرهم من إضاعة الوقت في القراءة والسماع والرؤية، وتتبع الأخبار التي لا أهمية لها، وبذلك يرشدهم إلى النافع والبعد عن الضار، ولا يجوز مدح الكفار وإطراؤهم إذا برزوا في الميادين وتفوقوا في الرياضة، وإنما علينا أن نتنافس في ما ينفعنا في دنيانا وأخرانا، والله أعلم " انتهى.

نقلا من موقعه:

http://www.ibn-jebreen.com/book.php?cat=٦&book=٢&toc=٧١&page=٦٦&subid=١٨٥٠٢

إذًا فممارسة الرياضة النافعة باعتدال واقتصاد مع المحافظة على الآداب الشرعية لا حرج فيها، وكذلك لا حرج في تعليمها والتدريب عليها.

وبهذا يظهر الفرق بين المحلل الرياضي، ومدرس التربية الرياضية، فالمحلل أضاع وقته ووقت غيره فيما لا فائدة فيه، بل قد يكون في عمله تعظيم للكفار ومدح لهم، مما يغري الصغار بتقليدهم واتخاذهم قدوة.

وأما مدرس التربية الرياضية، فهو يبني أجسام الطلاب، وهم يستفيدون بذلك في أمور دينهم ودنياهم.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>