مسافر والجمع بين الصلاتين أسهل له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في القاهرة وأقيم في طنطا (المسافة هي ٨٦ كيلوا متر) وفي رمضان أعمل الآتي عندما أصلي الظهر بعدها أنوي صلاة العصر قصرا - وذلك لأني عندما أخرج من الشغل يكون العصر علي وشك الأذان، وأكون مستعجلاً جدا لكي ألحق القطار.
فهل يجوز لي الجمع والقصر كما أفعل؟ أم أنتظر حتى أصلي العصر ثم أعود إلى بلدي وهذا سوف يؤخرني، فأصل مع غروب الشمس، وفيه مشقة شديدة علي لأنني لن أتمكن من الراحة لاسيما وأنا أريد أن أصلي التراويح. وهل يجوز أن أصلي في القطار وأنا جالس؟. `]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء للمسافر وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة منها:
١-ما رواه البخاري (١١٠٨) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: انَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ.
٢- وروى أحمد (٣٢٧٨) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ. قال الشيخ أحمد شاكر (٣٢٨٨) : إسناده صحيح اهـ.
٣- وفي صحيح مسلم (٧٠٦) عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا.
والمسافر له حالان:
الأولى أن يكون سائرا، أي: يكون مسافرا على الطريق.
الثاني: أن يكون نازلا، بمعنى أن لا يكون سائراً على الطريق، فإما أن يكون وصل البلد التي سافر إليها، أو نزل أثناء السفر بالطريق ومكث في هذا المكان مدة.
والجمع جائز لكل مسافر سواء كان نازلا أم مسافرا.
لكن هل الأفضل للمسافر الجمع أم الأفضل أن يصلي كل صلاة في وقتها؟
قال الشيخ ابن عثيمين في رسالته في مواقيت الصلاة (ص ٢٦) :
" الأفضل للمسافر النازل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس إلا أن يكون في حاجة إلى الجمع إما لشدة تعبه ليستريح، أو لمشقة طلب الماء عليه لكل وقت ونحو ذلك، فإن الأفضل له الجمع واتباع الرخصة.
وأما المسافر السائر فالأفضل له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ـ حسب الأيسر له ـ إما جمع تقديم، يقدم الثانية في وقت الأولى، وإما جمع تأخير يؤخر الأولى إلى وقت الثانية " اهـ.
وعلى هذا فالأفضل لك الأخذ بالرخصة، فتجمع بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم لأن هذا هو الأسهل لك، وكان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُخَيَّر بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ. رواه البخاري (٣٥٦٠) ومسلم (٢٣٢٧) .
وعليك في هذه الحال أن تحرص على أداء صلاة العصر جماعة، فتنظر من يصلي معك.
ثانياً:
وأما صلاتك العصر في القطار وأنت جالس فهي جائزة عند جمهور العلماء إذا كنت لا تستطيع الصلاة وأنت قائم.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (٨/١٢٠) :
" إذا حان وقت الصلاة والطائرة مستمرة في طيرانها ويخشى فوت وقت الصلاة قبل هبوطها في أحد المطارات فقد أجمع أهل العلم على وجوب أدائها بقدر الاستطاعة ركوعاً وسجوداً واستقبالاً للقبلة لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/١٦.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) متفق عليه.
أما إذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء، وعلم أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز أدائها في الطائرة لوجوب الأمر بأدائها بدخول وقتها حسب الاستطاعة كما تقدم وهو الصواب " اهـ.
وجاء فيها أيضاً (٨/١٢٦) :
" لا يجوز أن يصلي قاعداً في الطائرة ولا غيرها إذا كان يقدر على القيام لعموم قوله تعالى: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) البقرة/٢٣٨. وحديث عمران بن حصين الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ) زاد النسائي بسند صحيح (فإن لم تستطع فمستلقياً) " اهـ.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة في الطائرة ومثلها القطار والسيارة غير جائزة إذا كان لا يتمكن من أداء الصلاة كما يؤديها على الأرض إلا إذا خشي خروج وقتها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "فتاوى أركان الإسلام" (ص ٣٨٠) :
" تجب الصلاة في الطائرة إذا جهل وقتها، لكن إذا كان لا يتمكن من أداء الصلاة في الطائرة كما يؤديها على الأرض فلا يصلي الفريضة في الطائرة إذا كان يمكن هبوط الطائرة قبل خروج وقت الصلاة، أو خروج وقت التي بعدها مما يجمع إليها. فمثلا لو أقلعت الطائرة من جدة قبيل غروب الشمس وغابت الشمس وهو في الجو فإنه لا يصلي المغرب حتى تهبط الطائرة في المطار وينزل منها فإن خاف خروج وقتها نوى جمعها إلى العشاء جمع تأخير وصلاهما إذا نزل فإن استمرت الطائرة حتى خاف أن يخرج وقت العشاء وذلك عند منتصف الليل فإنه يصليهما قبل أن يخرج الوقت في الطائرة " اهـ.
وعلى هذا فالأحوط لك أن لا تصلي العصر في القطار، بل تجمعها مع الظهر جمع تقديم كما سبق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب