للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على علاقة هاتفية محرَّمة ويخيرها بين قبوله زوجاً أو رجوعه للمعاصي!

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا بنت، أخاف الله كثيراً، تعرفت على شاب عبر الهاتف بقصد الزواج، وهو كذلك، لكن هناك مشكلة، هو يتكلم في " الحب "، و " الغرام "، إنه يقول: " قولي لي " أحبك "، وإلا لن أتزوج بك، أنتِ لا تحبيني "، وهو لا يعرف عن الدّين، ويريد أن يتوب، يسألني أيضاً عن العلاقات الجنسية بين الرجل فيما تجوز وما لا تجوز، وأنا هذا الشيء رفضته، لكن في مرات أجيب عليه! لأني أحبه، هل يجوز أن أستمر معه وهو في هذا يتكلم معي في حبه؟ وكان له علاقات جنسية مع بنات، وعندما عرفني تاب عنها، وقال: إن لم تتزوجي بي سأرجع إليها، وتكوني أنتِ السبب، وأنا خائفة إن تركته أن يذهب، ويرجع إلى المعاصي، وأكون مذنبة في ذلك، وهل أضحي وأتزوجه؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نشكر لك مراسلتك لنا، وحرصك على معرفة الصواب مما ستتخذينه من قرار، ونسأل الله أن يوفقنا لدلالتك على ما ينفعك وما هو خير لك.

ثانياً:

نعتب عليك في البداية وقوعك في معصية العلاقات المحرمة عبر الهاتف، وهو ما جرَّك للكلام في الحب، والغرام، واستثارة الشهوات الكامنة عند الطرفين، وقد كانت مثل هذه العلاقات المحرمة سبباً لوقوع كثير من الناس في فاحشة الزنا.

وقد نهانا الله تعالى عن اتباع خطوات الشيطان، فقال: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/ ١٦٨. فالشيطان يصل بالإنسان إلى ما يريده بالتدريج، خطوة خطوة، وهو الطريق الذي تسيرين فيه الآن، فلا شك أنك في بادئ الأمر كنت تتحرجين من الكلام في الهاتف مع شاب غريب عنك، ثم حصلت عندك الجرأة وفعلت ذلك، ثم كنت تتحرجين من الكلام معه في الأمور الجنسية، ثم بدأت تجاوبينه في ذلك، وبالقطع سيطلب منك مقابلته وستمتنعين عن ذلك، لكن بعد تكراره للطلب، فسوف تقابلينه.... إلخ مما يعني أنك تنحدرين إلى الهاوية وأنت لا تشعرين.

إن أخوف ما نخافه عليك - إن لم يتداركك الله برحمته، وتعودي إلى رشدك – أن ترسلي إلينا بعد فترة أنك وقعت في.... وفقدت أغلى ما تملكين، وتسألين ما المخرج؟ وكيف تتصرفين؟

ابنتي ... إنك ذكرت عن نفسك أنك تخافين الله كثيراً، ونرجو أن تكوني صادقة في ذلك، ولكن هذا الذي تفعلينه يتعارض مع خشيتك الله، فلو كنت تخافينه فعلاً، لتركت هذا الفعل المحرم، ولاجتهدت في الاستقامة على أوامر الله.

وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة: (وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ) رواه البخاري (٦٤٢١) ومسلم (١٠٣١) . فالخوف من الله هو الذي منعه من الوقوع في تلك الفاحشة.

ابنتي.. إنه ليحزننا كثيراً أنك تساقين إلى هلاكك وأنت لا تشعرين، وتُخدعين بكلام الحب والغرام والوعد بالزواج، وهذا الكلام قد خُدعت به كثيرات مثلك، ثم لما افترسها ذلك الذئب تخلى عنها، وتركها تواجه الفضيحة بمفردها، ثم ذهب يبحث عن فريسة أخرى يخدعها بالكلام نفسه.

وقد جاءتنا عشرات الأسئلة بذلك، وبعض السائلات تسألنا عن حكم الإجهاض، وأخرى لا تدري ماذا تفعل......

إننا نؤكد عليك وأنت في بداية طريق الشيطان أن تعودي فوراً، عودي إلى طريق الله، عودي إلى طاعته، والفرار من معصيته، عودي إلى طريق العفة والطهارة، وفي النهاية ... عودي إلى طريق الجنة، (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) الذاريات/٥٠.

قفي لحظة لتفكري ... لو أن ابنتك تعرضت لمثل هذا الموقف، وأخبرتك بهذا بصراحة، كما صارحتينا أنت، فماذا تقولين لها؟

لا يعترينا شك أن نصيحتك لها ستكون واضحة، وصريحة بالأمر بقطع العلاقة نهائياً مع هذا الشاب، وأن مثل هذا الشاب ليس جديراً بأن يكون زوجاً صالحاً، بسبب علاقاته الآثمة التي لا مانع عنده من العودة إليها، بل نحن نشك في تركه إياها فعلاً، وقد يكون تركها فترة إلى حين تمكنه من فريسته الجديدة.

وهذا هو ما ننصحك به، قطع العلاقة نهائياً مع هذا الشاب، فالاستمرار معه عابته معروفة، ولك عبرة في مئات بل آلاف القصص التي مثل حالتك، وقد كانت كل واحدة منهن تخدع نفسها، ويخدعها الشيطان بأن هذا الشاب ليس كغيره، وأن قصده شريف، الزواج.

ونرجو أن لا تترددي في قطع علاقتك بهذا الشاب، للأسباب التالية:

١- أن ما تقومين به الآن هو عمل محرم، فعليك تركه خوفاً من عذاب الله.

وانظري جواب السؤال رقم (٣٤٨٤١) .

٢- قد ثبت بما لا مجال للشك فيه: أن الزواج عن طريق الهاتف، والإنترنت، بل وعموم العلاقات المحرمة قبل الزواج: أن مصيره إلى الفشل، وأنه سبب للهموم، والغموم، والشكوك، التي تصاحب الزوجين، إن لم يحصل طلاق، وأنتِ قد أغناك الله باستقامتك على دينه، فلا تتورطي فيما تندمين عليه في قابل الأيام.

وانظري جواب السؤال: (٨٤١٠٢) و (٨٤٠٨٩) .

٣- أن هذا الرجل الذي يتجرأ على فعل المحرمات الآن، ولا يبدو منه أثر توبة، وخوف من الله: ليس بالذي يصلح زوجاً لك، يرعاك، ويحافظ عليك، ويربي أولادك، فلا تجعلي من حياتك محط تجربة لشيء فاسد ترينه أمام عينيك، وفي الرجال من أهل الاستقامة والدِّين من هو أليق وأفضل بأن يكون زوجاً لك، ومثل هذا الشاب لا يؤسف عليه، وعنده من النساء غيرك ما يتسلى به عنك، ولا تظني للحظة أنه يريدك زوجة عفيفة، مصونة، مكرمة، بل يريد هذا وأمثاله العبث، والتسلية، وعند إرادة الزواج حقيقة يبحث عمن ليس لها ماضٍ، ولا تخاطب الرجال الأجانب، وباختصار يبحث عن غيرك! .

وأما خداعه لك بأنك إذا لم تتزوجيه عاد إلى ماضيه السيئ، فلا يضرك ذلك شيئاً، وكل إنسان مسؤول ومحاسب على فعله، استقام أم انحرف، ولست مسؤولة عن إصلاحه.

فالحذر من استمرار العلاقة أو المكالمات الهاتفية معه، والحذر من الاغترار بكلامه، والحذر من قبوله زوجاً.

هذه نصيحتنا، وهذه وصيتنا، ونسأل الله أن يلهمك رشدك، ويوفقك لك خير.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>