للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم إخراج زكاة المال أو التجارة موادا غذائية

[السُّؤَالُ]

ـ[رجل أخرج زكاة المال أو العقار مواد غذائية جاهلاً هل عليه شيء؟ وإذا خشي أن يصرف الفقير جزء من الزكاة في الدخان أو كماليات فهل يجوز إعطاؤه مواد غذائية؟ سؤال آخر:- تاجر مواد غذائية لديه ٣ أنواع من الرز مثلا ب ١٠٠و١٥٠و٢٠٠ فهل يزكي من كل نوع أم من أحدها وهل يجزئ إذا دفع الزكاة من النوع الغالي؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

يجب إخراج زكاة النقود نقودا عند جمهور الفقهاء، ولا يجوز إخراجها موادا عينية من غذاء أو غيره.

وذهب الحنفية إلى الجواز، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان ذلك أنفع للفقير.

قال رحمه الله: "وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد رحمه الله قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه. . . إلى أن قال رحمه الله:

" وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به، مثل أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه بدراهم فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه ولا يكلف أن يشتري ثمرا أو حنطة إذ كان قد ساوى الفقراء بنفسه، وقد نص أحمد على جواز ذلك ... ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع فيعطيهم إياها " انتهى من "مجموع الفتاوى" (٢٥ / ٨٢) .

وعليه؛ فإذا كان المزكي أخرج زكاته موادا غذائية جاهلا، فلا شيء عليه، والأحوط له مستقبلا أن يخرجها نقودا.

وينبغي أن يعلم أن العقار لا زكاة فيه إلا إذا كان للتجارة، أو كان مؤجرا فالزكاة في أجرته إذا حال عليها الحول وبلغت نصابا بنفسها أو بما انضم إليها من ماله.

ثانياً:

إذا كان الفقير سفيهاً لا يحسن التصرف في المال، وخشي أن يشتري به دخانا ونحوه، جاز إعطاؤه الزكاة سلعاً عينيةً بدلاً من النقود، مراعاة لمصلحة الفقير، وسدّاً لحاجته، وهذا اختيار شيخ الإسلام كما سبق، وبه أفتى جمع من أهل العلم.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " ويجوز أيضا أن يخرج عن النقود عروضا من الأقمشة والأطعمة وغيرها، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة، مثل أن يكون الفقير مجنونا أو ضعيف العقل أو سفيها أو قاصرا، فيخشى أن يتلاعب بالنقود، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاما أو لباسا ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم ". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (١٤/٢٥٣) .

وينظر جواب السؤال رقم (٧٩٣٣٧) .

ثالثا:

الواجب في زكاة التجارة أن تخرج نقودا في قول جمهور أهل العلم، فتقوّم العروض في نهاية الحول، ويخرج من قيمتها ربع العشر.

وذهب الحنفية، والشافعي في قول إلى جواز إخراجها من نفس التجارة.

جاء في الموسوعة الفقهية (٢٣ / ٢٧٦) : " الأصل في زكاة التجارة أن يخرجها نقدا بنسبة ربع العشر من قيمتها , كما تقدم , لقول عمر رضي الله عنه لحماس: (قَوِّمْها ثم أَدِّ زكاتها) . فإن أخرج زكاة القيمة من أحد النقدين أجزأ اتفاقا.

وإن أخرج عروضا عن العروض فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك، فقال الحنابلة وهو ظاهر كلام المالكية وقول الشافعي في الجديد وعليه الفتوى: لا يجزئه ذلك , واستدلوا بأن النصاب معتبر بالقيمة , فكانت الزكاة من القيمة , كما أن البقر لما كان نصابها معتبرا بأعيانها , وجبت الزكاة من أعيانها , وكذا سائر الأموال غير التجرة.

وأما عند الحنفية وهو قول ثان للشافعية قديم: يتخير المالك بين الإخراج من العرض أو من القيمة فيجزئ إخراج عرض بقيمة ما وجب عليه من زكاة العروض ... وفي قول ثالث للشافعية قديم: أن زكاة العروض تخرج منها لا من ثمنها , فلو أخرج من الثمن لم يجزئ " انتهى.

والراجح جواز إخراجها من التجارة نفسها.

قال شيخ الإسلام رحمه الله:" يجوز إخراج زكاة العروض عرضاً " انتهى من "الاختيارات" ص ١٠١.

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجوز إخراج الزكاة من الأقمشة؟

فأجاب:" يجوز ذلك في أصح قولي العلماء، الطيب عن الطيب، والرديء عن مثله حسب القيمة، مع الحرص على ما يبرئ الذمة، لأن الزكاة مواساة، من الغني للفقراء، فجاز له أن يواسيهم من القماش بقماش، كما يواسيهم من الحبوب والتمور والبهائم الزكوية من نفسها " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (١٤ / ٢٥٣) .

وعليه؛ فمن كان لديه أنواع من الأرز وأراد إخراج الزكاة منها، فإنه يخرج من كل نوع، تحقيقا للعدل والمسواة بينه وبين الفقراء، وإن اختار الإخراج من أجودها فله ذلك.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>