للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دفع المال لتخليص المعاملة متى يكون من الرشوة ومتى لا يكون؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أعمل محاسباً في إحدى شركات الشحن، واكتشفت لاحقاً أن الشركة التي أعمل بها تقوم بإعطاء رشاوى لبعض العملاء لديها لتخليص بعض الشحنات وما شابه ذلك، وأنا أعمل محاسباً في هذه الشركة، وأقوم بصرف هذه المبالغ للمدير لكي يعطيها للعملاء كرشاوى، واكتشفت هذا، فهل يوجد عليّ إثم؟ ، وماذا أفعل في هذه الحال؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا يجوز التعامل بالرشوة أخذا أو إعطاء، وهي من كبائر الذنوب؛ لما رواه أحمد (٦٧٩١) وأبو داود (٣٥٨٠) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي. صححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٦٢١)

و"الراشي" هو معطي الرشوة، و"المرتشي" هو آخذها.

لكن يستثنى من ذلك:

١- ما إذا لم يستطع صاحب الحق أخذ حقه إلا بدفع رشوة، فقد نص العلماء رحمهم الله على جواز دفعه للرشوة حينئذ ويكون التحريم على الآخذ لها لا المعطي، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٧٠٥١٦) و (٧٢٢٦٨) .

فإذا كان تخليص الشحنات لا يمكن إلا بدفع المال، أو كان عدم الدفع يعني تأخير الشحنة وتضرر صاحب الحق، جاز دفع المال حينئذ، مع حرمته على الآخذ.

٢- أن يدفع المال لرفع ظلم أو تخفيفه، كما لو دفعه لمن يرفع عنه الضرائب التي تفرض على المسلمين، فلا حرج في ذلك كما سبق في جواب السؤال رقم (٣٩٤٦١) و (٢٥٧٥٨) .

٣- أن يدفع المال لشخص أو مكتب يتولى الذهاب إلى الجهات المسؤولة، ويعمل على تخليص المعاملة، فهذا لا حرج فيه، وليس من الرشوة، بل هو من باب الإجارة.

ثانيا:

إذا كان ما يأخذه المدير يندرج تحت الأمور السابقة، فلا حرج عليك في صرف المال وتسجيله ونحو ذلك.

أما إن تبين أنه رشوة تدفع لتخليص أشياء ممنوعة، أو تدفع مع إمكان تخليص المعاملة بدونها من غير تأخير مضرّ، أو غير ذلك من الصور التي لا تندرج فيما سبق القول بجوازه، فلا يجوز لك أن تعين على صرفه أو تسجيله، لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/٢.

وعليك أن تنصح مديرك وتبين له تحريم الرشوة على الدافع والآخذ، وتحريم الإعانة عليها.

واعلم أن من اتقى الله تعالى وقاه وكفاه، ومن تمسك بأمره، زاده من فضله، فلا يمنعنك هيبة الناس أن تقول بالحق إذا علمته.

روى الإمام أحمد (١١٠٣٠) والترمذي (٢١٩١) وابن ماجه (٤٠٠٧) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا فَكَانَ فِيمَا قَالَ: (أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ) والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>