للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تركت العمل الصيدلي واشتغلت بتعليم القرآن الكريم

[السُّؤَالُ]

ـ[تركت عملي كصيدلانية رغم الراتب المغري والمكانة الاجتماعية، هربا من الاحتكاك بالرجال، وتفرغت لطلب العلم الشرعي وتعلم علم القراءات ... وأعمل معلمة قرآن في دار التحفيظ براتب رمزي..أنا سعيدة , لكن كل من حولي يلوموني ويرون أن تصرفي غير عاقل! فما رأي فضيلتكم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل، له آثاره السيئة، ومفاسده الواضحة، على كلٍّ من الرجل والمرأة، ومن ذلك:

١- حصول النظر المحرم، وقد أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، فقال سبحانه: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) النور/٣٠-٣١.

وفي صحيح مسلم (٢١٥٩) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري.

٢- قد يحصل فيه اللمس المحرم، ومنه المصافحة باليد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٥٠٤٥) .

٣- أن الاختلاط قد يوقع في خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه، وهذا محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) رواه الترمذي (٢١٦٥) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

وفي رواية: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان) رواه أحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في غاية المرام (١٨٠) .

٤- ومن مفاسده: تعلق قلب الرجل بالمرأة وافتتانه بها، أو العكس، وذلك من جراء الخلطة، وطول المعاشرة.

٥- ما يترتب على ذلك من دمار الأسر وخراب البيوت، فكم من رجل أهمل بيته، وضيع أسرته، لانشغال قلبه بزميلته في الدراسة أو العمل، وكم من امرأة ضيعت زوجها وأهملت بيتها، لنفس السبب، بل: كم من حالة طلاق وقعت بسبب العلاقة المحرمة التي أقامها الزوج أو الزوجة، وكان الاختلاط في العمل رائدها وقائدها؟!

ولهذا - وغيره - جاءت الشريعة بتحريم الاختلاط المفضي إلى هذه المفاسد، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط مفصلة في جواب السؤال رقم (١٢٠٠)

فإذا كنت تركت العمل لمحذور الاختلاط بالرجال، فقد أحسنت، وفعلت ما يجب عليك، ويرجى لك بذلك الأجر والتوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة، فإن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

وهذا التعويض من الله تعالى، ليس هو التعويض المادي فقط، بل تلك الراحة والاطمئنان والسعادة، والتوفيق إلى الأعمال الصالحة، كل ذلك قد يكون من ذلك التعويض الرباني.

وأما تعلّم القرآن وتعليمه فهو من خير الأعمال وأعظم القربات، لقوله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) رواه البخاري (٥٠٢٧) وفي رواية له: (إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) .

ونساء المسلمين وفتياتهم بحاجة إلى من يعلمهم القراءة الصحيحة، ويعينهم على حفظ كتاب الله الكريم.

لكن إن احتجت إلى العمل، وأمكن أن تجدي مجالا في تخصصك (الصيدلة) خاليا من الاختلاط فلا حرج عليك في ذلك، وقد تستطيعين مع ذلك تعليم القرآن الكريم أيضا.

والسعادة ليست بالمنصب أو الجاه أو المظهر، ولكنها بالإيمان والتقوى، فحيث كنت قريبة من الله تعالى، راضية بما أعطاك، فلا تلتفتي لما يقوله الآخرون.

نسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وتقى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>