هل يحج قبل أن يسدد فاتورة الكهرباء والهاتف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صدرت فاتورة مثل فاتورة جوال أو كهرباء وغيره هل يلزم بتسديدها قبل الحج؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي للإنسان أن يسدد ديونه قبل سفره – سواء كان سفره إلى الحج أم غيره – أو يترك من الأموال ما يكفي لسدادها، حتى تبرأ ذمته، ولا يكون مطالباً عند الله بشيء من حقوق العباد.
وأما السفر إلى الحج لمن عليه دين، فيقال إن الديون على ثلاثة أنواع:
الأول: دين غير مؤجل وجاء وقت سداده ويطالب به أصحابه، فيجب سداده، ولا يجوز تأخيره لأجل الحج أو غيره، لأن ذلك يدخل في المَطْل المحرم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ) رواه البخاري (٢٢٨٧) ومسلم (١٥٦٤) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ) رواه النسائي (٤٦٨٩) وأبو داود (٣٦٢٨) وابن ماجه (٢٤٢٧) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
و (لَيُّ الْوَاجِدِ) بمعنى (مطل الغني) وهو مماطلة الغني القادر على سداد الدين وتأخيره للسداد من غير عذر.
والمقصود بحل عرضه: أن يقال: مطلني فلان، أو يا ظالم يا معتدي، وعقوبته: حبسه.
ولو فرض أن سداد هذا الدين يؤدي إلى عدم الحج، فإنه يجب السداد، ولا إثم في ترك الحج حينئذ؛ لأنه لا يجب إلا على المستطيع له ماديا وبدنيا.
الثاني: دين يتسامح فيه أهله، ويرضون بتأخيره، ويأذنون لصاحبه في الحج، وهذا لا إشكال فيه، لكن الأفضل هو السداد؛ حتى تبرأ الذمة؛ لأن الدائن لو أذن للمدين بالحج فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالدين، ولا تبرأ ذمته بهذا الإذن، ولذلك يقال للمدين: اقض الدين أولاً ثم إن بقي معك ما تحج به وإلا فالحج غير واجب عليك.
وإذا مات المدين الذي منعه سداد الدين عن الحج فإنه يلقى الله كامل الإسلام غير مضيع ولا مفرط، لأن الحج لم يجب عليه، أما لو قَدَّم الحج على قضاء الدين ومات قبل قضائه فإنه يكون على خطر، إذ إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين، فكيف بغيره؟!
الثالث: دين مؤجل، لم يحن وقته في زمن الحج، فهذا لا يمنع المدين من الحج، إلا إن علم أن بذله المال في الحج سيمنعه من سداد الدين، إما لقرب موعد السداد، أو لقلة ذات اليد ونحو ذلك، فهذا إن حج كان مفرطا متهاونا في أداء ما عليه من حق.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١١/٤٦) : " من شروط الحج: الاستطاعة، ومن الاستطاعة: الاستطاعة المالية. ومن كان عليه دَيْن مطالبٌ به بحيث أن أهل الدَّين يمنعون الشخص عن الحج إلا بعد وفاء ديونهم فإنه لا يحُجّ، لأنه غير مستطيع، وإذا لم يطالبوه ويعلم منهم التَّسامح فإنه يجوز الحج ويكون صحيحاً. ويجوز الحج كذلك إذا كان الدَّين غير محدد الوقت للقضاء بميعادٍ معيَّن، ويكون قضاؤه متى تيسر، وقد يكون الحج سبب خيرٍ لأداء الدين. والله أعلم " انتهى.
والذي يظهر أن فاتورة الكهرباء والهاتف ونحو ذلك هي من الدين المؤجل، وذلك لأنهم يحددون فترة تسدد فيها الفاتورة، قد تكون قريبة من الشهر، فإن استطاع الإنسان أن يحج ثم إذا رجع سدَّد الفاتورة، فلا حرج عليه، أما إذا كان وقت السداد ينتهي قبل رجوعه من الحج، فليبدأ أولاً بسداد الفاتورة، ثم إن بقي معه مال يكفي للحج، فالحمد لله، وإن لم يكف فإنه يؤجل الحج إلى أن ييسر الله له.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب