يؤذيها زوجها، ويضيق عليها في النفقة، فهل تطلب الطلاق منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزوج الذي لا يصرف على زوجته، وابنه الرضيع إلا القليل جدّاً، حتى لا يكفي أسبوعاً، ويدَّعي الديون، وأعطال السيارة، وكل مرة يأخذ إضافة على قروضه التي عنده، ويقول لزوجته: خذي من أهلك، أو اصرفي من معاشك، وهو دائم الشتم، ومن جهة ثانية يصرف، ويخدم أهله غير المحتاجين، الذين يستغلونه في خدمتهم، ويشوشون، ويعطونه أفلاماً خليعة، ليترك زوجته، ويغيظها، مِن أمامها يعاتبونه، ويضحكون، ودائماً يهددها " سوف آخذ ولدي منك إذا طلبتِ الطلاق، وأعطيه لأهلي وما تشوفينه إلا مرة في الأسبوع بحكم القانون، وسوف أماطل بإعطائك الطفل كذالك ". أفتوني يا أهل العلم ما حكم الشرع في هذه الحالة، وطلب الزوجة الطلاق؟ . وجزاكم الله خيراً]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في الموقع بتفصيل حقوق الزوجين بعضهم على بعض في جواب السؤال رقم: (١٠٦٨٠) فالاطلاع عليه يغني عن تكرار الكلام.
والحياة الزوجية لا تقوم على القهر، والهموم، والغموم، بل على المحبة، والمودة، ومن أجل ذلك كان الزواج من آيات الله تعالى، ولن تكتب السعادة لبيت زوجية لا يقوم الزوجان فيه بالعشرة بالمعروف، ويؤدي الذي أوجبه الله عليه، قبل أن يطلب الذي له.
وهذا الزوج الوارد السؤال من أجله واضح أنه مقصر في حق نفسه، وفي حق ربه تعالى، وفي حق زوجته وابنه، ولسنا نقضي بين الطرفين؛ إذ لسنا دار قضاء، بل نحن نجيب بحسب ما يأتينا من مسائل، وما يذكره السائل عن ذلك الزوج لا يشك عاقل أنه مخطئ، وأنه يحتاج من ينصحه، ويذكره بربه تعالى، وبما أوجب عليه من العناية والرعاية بأسرته جميعها، وبأنه يحرم عليه الشتم والسب، ويحرم عليه قبول الأفلام الخليعة من أحد، فضلاً عن حرمة مشاهدتها، وأنه يحرم عليه أخذ القروض الربوية، وأنه لا يحل له التضييق على زوجته، وحرمانها من حقوقها، ومن ذلك: حقها في نفقته عليها، فالإسلام أوجب النفقة على الزوج، ولو كانت الزوجة غنية.
وينظر حول عمل الزوجة وما يتعلق به: جواب السؤال رقم: (١٠٣٤٢٢) والأرقام المحال عليها فيه.
ثانياً:
بخصوص طلب الطلاق منه: فإنه يجوز للزوجة التي تتضرر من زوجها، جراء سوء أخلاقه، أو بسبب امتناعه عن النفقة عليها، أو التقصير في حق الزوجية: أن تطلب الطلاق منه، ولها أن تستوفي كامل حقوقها منه، ومن طلبت الطلاق من بأس، وشدة، وأسباب تبيح لها طلب الطلاق: لم تدخل في الوعيد الوارد في هذه المسألة.
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ) .
رواه الترمذي (١١٨٧) وأبو داود (٢٢٢٦) وابن ماجه (٢٠٥٥) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
قال الحافظُ ابنُ حجر - رحمه الله -:
الأخبارُ الواردةُ في ترهيبِ المرأةِ من طلبِ طلاقِ زوجِها: محمولةٌ على ما إذا لم يكن بسببٍ يقتضي ذلك.
" فتح الباري " (٩ / ٤٠٢) .
وينظر في الأسباب المبيحة للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها: (٢٠٠٠٢) و (١٠١٩١٢) و (١٣٢٤٣) و (١٣٨٠٣) .
ثالثاً:
بخصوص حضانة ابنها: فالشرع يحكم به لها، ما لم تتزوج.
وانظر جوابي السؤالين: (٨١٨٩) و (٩٤٦٣) .
والخلاصة:
إما أن تصبر الزوجة على أذى زوجها، مع السعي في إصلاحه، وكفه عن غيِّه، بالحديث المباشر معه، أو بتوسيط أهل العقل، والعلم، والحكمة، بينها وبينه، أو أن تطلب الطلاق منه إذا لم ينتفع بشيء من هذا، ولم يغيِّر من سلوكه معها، ولها ـ حينئذ ـ حقوقها كاملة، ويكون ابنها في حضانتها، فإن رفض التطليق، ولم تحتمل معاملته لها: فلها أن تخالعه، بأن تتنازل عن مهرها، فداء لنفسها.
وينظر في ذلك جواب السؤال رقم: (١٠١٤٢٣) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب