للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حكم قبول الهدية

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز لي قبول هدية على شكل سيارة ووشاح شفاف لا ألبسه؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله:

فقد روى البخاري في صحيحه (١٣٨٠) ومسلم في صحيحه أيضا (١٧٣١) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا وسائل فخذه ومالا ـ أي إن لم يجئ إليك ـ فلا تتبعه نفسك ـ أي لا تطلبه ـ)

ومعنى مشرف: متطلع إليه

ومعنى سائل: أي طالب له.

وروى البخاري (٢٥٦٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ) .

وَالْكُرَاع مِنْ الدَّابَّة مَا دُون الْكَعْب.

قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله ـ في "شرح صحيح البخاري": " هذا حض منه لأمته على المهاداة، والصلة، والتأليف، والتحاب، وإنما أخبر أنه لا يحقر شيئًا مما يُهدى إليه أو يدعى إليه؛ لئلا يمتنع الباعث من المهاداة لاحتقار المهدى، وإنما أشار بالكراع وفرسن الشاة إلى المبالغة في قبول القليل من الهدية، لا إلى إعطاء الكراع والفرسن ومهاداته؛ لأن أحدًا لا يفعل ذلك " انتهى.

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: (واختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه يستحب) انتهى.

وبهذا يتبين لك أيتها الأخت أنه: إن جاءتك هذه الهدية دون أن تتطلع إليها نفسك قبل مجيئها إليك، فإنه يستحب لك قبولها، وأن هذا من عوامل زيادة الألفة وزيادة المحبة في قلوب المؤمنين، بعضهم لبعض؛ وهو مقصد شرعي عظيم، صرح به الحديث الآخر الذي رواه البخاري في الأدب المفرد (٩٥٤) والبيهقي (١٢٢٩٧) وغيرهما، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تَهَادَوْا تَحَابُّوا) ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع وغيره.

وكون الوشاح شفافا لا يمنع من قبوله، لأنه يمكن الانتفاع به على وجه مباح؛ كأن يلبس مع ملابس تحته، أو تلبسه المرأة أمام زوجها، أو ينتفع به في غير اللباس من وجوه الانتفاع الممكنة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>