حكم تزين المسلمات بما لا يعرف في بلاد المسلمين من الزينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس النساء لنوع من المجوهرات يوضع على الشعر ويتدلى إلى فوق الجبهة، ما جعلني أسأل عن هذا الأمر أن كثيرا من الهنديات يتزينّ بهذه الزينة فأخاف أن يكون تشبهاً بالكفار. فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأصل في الزينة الإباحة؛ ولا يحظر منها إلا ما ثبت حظره بالدليل الشرعي القائم، قال تعالى ردًا على من حَرَّم شيئًا من ذلك من تلقاء نفسه، أو بتقليد لغيره، من غير شرع من الله:
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الأعراف/٣٢
قال الشوكاني رحمه الله:
" الزينة ما يتزين به الإنسان من ملبوس أو غيره من الأشياء المباحة، كالمعادن التي لم يرد نهي عن التزين بها، والجواهر ونحوها، فلا حرج على من لبس الثياب الجيدة الغالية القيمة إذا لم يكن مما حرمه الله، ولا حرج على من تزين بشيء من الأشياء التي لها مدخل في الزينة ولم يمنع منها مانع شرعي " انتهى ملخصا.
"فتح القدير" (٢/٢٩٢)
ثانيا:
المجوهرات محل السؤال، التي توضع على الشعر، وتتدلى على الجبهة: إن كانت مما يعتاده أهل البلد المرأة التي لبسته (الهند) ، أو أهل البلد التي تعيش فيه، وليست هذه الزينة مما تختص به الكافرات ويعرفن به: فلا بأس بلبسها، حتى وإن لم تكن هذه الزينة مما يعتاد أهل البلاد العربية أو الإسلامية الأخرى لبسه، لأن أمر الزينة والملابس: يبنى الأمر فيه على ما اعتاده الناس وتعارفوه، إلا ما خالف نصا شرعيا.
وأما إن كانت هذه الزينة خاصة بالنساء الكافرات، في بلدها، أو في البلد التي لبستها فيه: فإن التزين بها هو من التشبه المحرم بالكفار، حت وإن كان لمجرد الزينة الظاهرة؛ لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)
رواه أبو داود (٤٠٣١) وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام بعد أن جوّد إسناد هذا الحديث:
" وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) المائدة/٥١
"اقتضاء الصراط" (ص ٨٣)
وقال ابن القيم رحمه الله:
" وسر ذلك أن المشابهة في الهدى الظاهر ذريعة إلى الموافقة في القصد والعمل " انتهى.
"إعلام الموقعين" (٣/١٤٠)
وقال أيضا:
" ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع كثيرة؛ لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة؛ فإنه إذا أشبه الهديُ الهديَ أشبه القلبُ القلبَ " انتهى.
"إغاثة اللهفان" (١/٣٦٤)
وسواء قصد المتشبه بهم التشبه بهم أم لم يقصد، فإن التشبه بهم حرام لا يجوز.
قال شيخ الإسلام:
" ما أمرنا الله ورسوله به من مخالفتهم مشروع، سواء كان ذلك الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم أو لم يقصد، وكذلك ما نهى عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت مشابهتهم أو لم تقصد؛ فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها، وفيها مالا يتصور قصد المشابهة فيه: كبياض الشعر وطول الشارب ونحو ذلك " انتهى.
"اقتضاء الصراط" (ص ١٧٧-١٧٨)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" إذا كان الشيء من خصائص الكفار فإنه لا يجوز للمسلم أن يفعله، سواء بقصد أو بغير قصد، أي سواء كان بقصد التشبه أو بغير قصد التشبه " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (١١/٣٩٠)
وينظر إجابة السؤال رقم: (٨٨٤٨٥) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب