يشرب الخمر لينسى المرأة التي يحب، فهل تأثم بذلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام شخص بارتكاب معصية كشرب الخمر مثلا بحجة نسيان امرأة يحبها ولا تبادله نفس الشعور فهل تأثم المرأة بذنبه بحجة أنها هي من دفعته لتلك المعصية؟ أم يتحمل الذنب لوحده؟ وما معنى (أو أن اقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم) وهل ينطبق جر السوء لمسلم على المرأة في السؤال السابق؟؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً: من ارتكب معصيةً وذنباً من الذنوب فإنه يتحمَّل وزره وحده، كما قال تعالى: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا، وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) .
" فلا يحمل أحدٌ ذنب أحد، ولا يجني جانٍ إلا على نفسه ". كما قال ابن كثير في تفسيره (٥/٥٢)
ولكن من تسبَّب في وقوع غيره بمعصية؛ فإن عليه وزر التسبب، من غير أن ينقص من وزر المباشر للمعصية شيء.
قال ابن القيم: " فإنَّ الرب تبارك وتعالى لا يعاقب شرعاً إلا من باشر الجناية أو تسبَّب إليها ". انتهى " الجواب الكافي" صـ٧٧.
وبناء على ذلك، فإن كانت هذه المرأة قد تسببت في وقوع هذا الرجل بهذه المعصية بفعل كأن تظهر محاسنها أمامه، أو تتعرض له بفتنة، أو تخالطه، أو غير ذلك، أو قول منها كمحادثته بالهاتف، أو الخضوع بالقول ... ، فهي آثمة بذلك.
وأما إن كان ما يقوم به هذا الرجل من تلقاء نفسه، دون تأثير منها كما يظهر من السؤال، فلا إثم عليها إن شاء الله تعالى.
ثانياً: التعوذ من جر السوء إلى المسلم ثبت في الحديث الصحيح عن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مَا أَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ.
فَقَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ، قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا، أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ) . رواه الترمذي (٣٥٢٩) وصححه الألباني.
والمقصود بجر السوء إلى المسلم: أن يكون سبباً لوقوعه في المعصية.
قال ابن القيم: "
لما كان الشر له مصدر يَبتدي منه، وغاية ينتهي إليها.
وكان مصدرها: إما من نفس الإنسان، وإما من الشيطان.
وغايته: أن يعود على صاحبه، أو على أخيه المسلم.
تضمن الدعاء هذه المراتب الأربعة، بأوجز لفظ، وأوضحه، وأبينه ". انتهى من " شفاء العليل " (١/١٦٢)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب