للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما حكم إدخال رجل أو امرأة إلى غرفة نوم الزوجين؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أردت أن أعرف هل يستطيع زوجان حديثان أن يسمحا لشخص ما أن يستخدم غرفة نومهما لغرض النوم؟ فمثلاً: أم زوجي تنام على سريري في غيابي، لقد عرفت من بعض المصادر أن ذلك يولِّد اختلافا بين الزوجين. أرجو المساعدة كون هذا يدور كثيراً في ذهني كل يوم، وأنا أواجه قضايا صغيرة مع زوجي؛ لأن أمه تزعجني أكثر.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

مما لا شك فيه أن لغرفة نوم الزوجين خصوصية خاصَّة، فهو خدر المرأة، وهو حصنها الحصين داخل بيتها، تخلع فيه ثيابها، وتخلو بزوجها، وهو ما لا تستطيع فعله في غير هذا المكان.

ومما يؤكد هذه الخصوصية: ظهور ملابس الزوجة الخاصة، وأدوات تجملها وزينتها، وما يتعلق بأمور العشرة بين الزوجين، مما لا ينبغي أن يطلع عليه أحد، ويعد من أخص خصوصيات العلاقة الزوجية.

وهذا الذي ذكرناه هو الأصل، ولا ينبغي مخالفته ابتداء، إلا أنه قد توجد ظروف معينة تقتضي السماح لأحد المقربين من دخول ذلك الحصن، إما لضيق البيت، أو لحاجة استعمال الغرفة لنوم إحدى النساء، لكونها أستر من باقي أجزء البيت، أو لغير ذلك من الأسباب، لكن ذلك السماح ينبغي أن يكون بشروط:

الأول: الحاجة الشديدة إلى مثل ذلك.

الثاني: عدم إظهار الملابس الداخلية الخاصة للزوجين، وكذا كل ما يُستحيا من إظهاره.

الثالث: أن يكون المسموح له بدخولها من الثقات؛ خشية عبثه بخصوصيات الغرفة، أو نقل حالها لغيره.

الرابع: إذن الزوج لهذا الداخل، فإن منع: فيجب الانصياع لمنعه، وعدم مخالفة قوله. وهكذا أيضا: ينبغي ألا يدخل الزوج أحدا إلى غرفة نوم امرأته، إذا كانت تكره ذلك، إلا أن يضطر إلى ذلك، ويكون الداخل ثقة، كأمه وأخته، ونحو ذلك، وعليه أن يستسمح زوجته، ويطيب قلبها بذلك.

وعلى أية حال، فما ذكرناه هنا من الشروط هي أمور اجتهادية، المراد منها حفظ خصوصية البيت لأهله، ومراعاة خصوصية العلاقة الزوجية، وصونها عن العبث، أو هتك الستر، وكشف الأسرار.

فقد روى مسلم (١٢١٨) عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عنهما قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: " بيَّن صلى الله عليه وسلم الحقَّ الذي لهنَّ، والذي عليهن، فقال: (لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه) يعني: لا يجعلنَّ أحداً يَدخل عليهنَّ على فراش النوم، أو غيره، وأنت تكره أن يجلس على فراش بيتك، وكأن هذا - والعلم عند الله - ضربُ مثل، والمعنى: أن لا يُكرمن أحداً تكرهونه، هذا من المضادة لكم أن يكرمنَ من تكرهونه، بإجلاسه على الفرش، أو تقديم الطعام له، أو ما أشبه ذلك " انتهى.

" شرح رياض الصالحين " (٣ / ١٢٦) .

ثانياً:

أما الاعتقاد بأنه إن نام أحدٌ على فراش الزوجية فإن ذلك سيولِّد مشكلات بين الزوجين: فإن هذا اعتقاد جاهلي، وخرافة ينبغي للمسلم أن ينزِّه توحيده عنها، فليس لها في الشرع ما يؤيدها، ولا في الواقع ما يصدِّقها.

ثالثاً:

بخصوص مشكلاتك مع زوجك، ومع أمه: فالأمر يحتاج لحكمة، وحسن تصرف منك، فاكسبي رضا زوجك بالتودد لأمِّه، واحرصي على ود أمه وعطفها بحسن المعاملة، والهدية، والقول الحسن، فإن الكلمة الحسنة، والتصرف الجميل يأسران الحرَّ، واحتسبي تحمل إزعاج أم زوجك عند الله طلباً للأجر، وكسباً لرضا الزوج، وعسى الله أن يجعل بينك وبينها مودة، ورحمة، واستعيني بالله ربك على أداء حق الزوج، وعلى الصبر على تحمل المشاق، وانتظري اليسر بعد العسر، والفرجَ بعد الشدَّة.

وانظري أسباب عدم محبة أم الزوج لزوجته، وطرق علاج المشكلات الناشئة بينهما في جواب السؤال رقم: (٨٤٠٣٦) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>