لماذا تمّ تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أودّ أن أعرف لماذا صلى المسلمون تجاه بيت المقدس أولاً ولماذا غُيّرت تجاه الكعبة؟ جزاك الله خيراً..]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة كان يستقبل بيت المقدس، وبقي على ذلك ستة - أو سبعة - عشر شهراً، كما ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال صلّى النبي صلى الله لعيه وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت ... الحديث.
ثم بعد ذلك أمره الله تعالى باستقبال الكعبة (البيت الحرام) وذلك في قوله تعالى: (فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ...) سورة البقرة ١٤٤.
وأما السؤال عن حكمة ذلك فقبل الإجابة عليه لا بدّ من تذكّر ما يلي:
أولاً: أننا نحن المسلمين إذا أتانا الأمر من الله وجب علينا قبوله والتسليم له - وإن لم تظهر لنا حكمته - كما قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ...) الأحزاب ٣٦.
ثانياً: أن الله سبحانه وتعالى لا يحكم بحكم إلا لحكمة عظيمة - وإن لم نعلمها - كما قال تعالى: (ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم) الممتحنة ١٠، وغيرها من الآيات.
ثالثاً: أنّ الله سبحانه وتعالى لا ينسخ حكماً إلا إلى ما هو أفضل منه أو مثله، كما قال تبارك وتعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) . سورة البقرة ١٠٦.
إذا تبين ذلك فإن في تحويل القبلة حِكَما منها:
١- امتحان المؤمن الصادق واختباره، فالمؤمن الصادق يقبل حكم الله جل وعلا، بخلاف غيره، وقد نبّه الله على ذلك بقوله: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ...) البقرة ١٤٣.
٢- أن هذه الأمة هي خير الأمم، كما قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس ...) آل عمران ١١٠، وقال تعالى في ثنايا آيات القبلة: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ...) البقرة ١٤٣. والوسط: العدول الخيار. فالله عز وجل اختار لهذه الأمة الخير في كل شيء والأفضل في كلّ حكم وأمر ومن ذلك القبلة فاختار لهم قبلة إبراهيم عليه السلام.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده (٦/١٣٤-١٣٥) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أهل الكتاب: (إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين) ولمزيد من المعلومات حول الموضوع يُراجع كتاب بدائع الفوائد لابن القيّم رحمه الله (٤/١٥٧-١٧٤) . والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد