للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل من السنة المصافحة باليدين جميعا؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل من السنة المصافحةُ باليد اليمني فقط؟ وماذا عن وضع يد المسلَّم عليه بين يدي المسلِّم (احتواء يد واحدة بين يدين) ؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

المصافحة عند اللقاء والسلام من آداب الإسلام وأخلاقه الكريمة، فهي تعبير عن المحبة والمودة بين المتصافحين، كما أنها تذهب الغل أو الحقد والكراهية بين المسلمين، وقد جاء في فضلها حديث عظيم جليل يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا) رواه أبو داود (٥٢١٢) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

وقد كانت المصافحة من العادات المشهورة بين الصحابة رضوان الله عليهم.

فعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: هَلْ كَانَتْ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه البخاري (٦٢٦٣) .

قال ابن بطال: المصافحة حسنة عند عامة العلماء. وقال النووي: المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي. كما في "فتح الباري" (١١/٥٥)

ثانيا:

تقع المصافحة حين يضع الرجل صفح كفه في صفح كف صاحبه، هذا ما تقتضيه اللغة العربية، كما في "معجم مقاييس اللغة" (٣/٢٢٩) وغيره، وعليه تفهم ظواهر الأحاديث السابقة التي جاءت في المصافحة.

ولذا فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المصافحة باليد الواحدة هي السنة المجزئة، وهي العادة المطردة التي كانت بين المسلمين وبين الصحابة رضوان الله عليهم.

يقول الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١/٢٢) في ذكره لفوائد بعض الأحاديث:

" الأخذ باليد الواحدة في المصافحة، وقد جاء ذكرها في أحاديث كثيرة، وعلى ما دل عليه هذا الحديث يدل اشتقاق هذه اللفظة في اللغة.

قلت: وفي بعض الأحاديث المشار إليها ما يفيد هذا المعنى أيضا، كحديث حذيفة مرفوعا:

(إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر) قال المنذري (٣/٢٧٠) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ورواته لا أعلم فيهم مجروحا " قلت: وله شواهد يرقى بها إلى الصحة.

فهذه الأحاديث كلها تدل على أن السنة في المصافحة: الأخذ باليد الواحدة " انتهى.

أما ما ذهب إليه بعض الفقهاء من الحنفية والمالكية من استحباب المصافحة بكلتا اليدين، فيضع بطن كفه اليسرى على ظهر كف أخيه، فهذا لم يثبت فيه سنة معتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، وإنما غاية ما فيه أنه جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يد الصحابي بكلتا كفيه لمزيد عناية من تعليم وإرشاد وغيره، كما في صحيح البخاري (٦٢٦٥) ومسلم (٤٠٢) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ وكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ) .

ولكن لم يكن ذلك هو العادة المطردة، بدليل التقرير السابق في كون الأصل هو المصافحة باليد الواحدة، وما جاء في بعض الروايات من التصريح بذلك، بل وفي هذا الحديث دليل عليه أيضا، إذ لو كانت العادة هي المصافحة باليدين جميعا لما ذكر ابن مسعود تلك الحالة، فذِكرُهُ لها دليل على أنها لم تكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه.

ومع هذا، فلا توصف المصافحة باليدين جميعا بأنها بدعة، بل هي أمر جائز، غير أن السنة والأفضل الاقتصار على المصافحة بيد واحدة.

فقد جاء عن حماد بن زيد أنه صافح عبد الله بن المبارك بكلتا يديه. كما في صحيح البخاري معلقا (ص/١٢٠٦) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٤/١٢٥) :

" أما المصافحة باليدين جميعا فلا نعلم فيه شيئا، ولكنه لا ينبغي، فالأَوْلى أن يكون بواحدة " انتهى.

وانظر "الموسوعة الفقهية" لفظ (مصافحة) ، "تحفة الأحوذي" (٧/٤٣١-٤٣٣)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>