ليس لديه عمل فهل يقيم مع عمته المتزوجة من نصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم، وظروفي المعيشية قاسية جدا، والحمد لله، فليس لدي عمل، وأنا متزوج ولدي طفلة، وأعيش مع والدي بالتبني، وعمتي متزوجة برجل نصراني، وهي التي تعولنا، وتريد أن نعيش معها في بيت واحد، وتعلمون طامات النصارى من خمر وهلم جرا، فسؤالي هو كالتالي هل أعيش معها وأؤكد على أني لا أستطيع في الوقت الراهن فتح بيت مستقل، سؤالي الثاني هو أني الآن ابنهم بالتبني وأريد معرفة حكم الشرع في هذا الأمر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويفرج كربك، ويرزقك من فضله.
ثانيا:
إن كان المقصود بالتبني نسبتك إلى الشخص المتبني بحيث تأخذ حكم ولده، في المحرمية والإرث وغير ذلك، فهذا هو التبني المحرم الذي أبطله الإسلام.
وإن كان المقصود به الكفالة والرعاية والإحسان، من غير إلحاق بالنسب، فهذا لا حرج فيه، بل هو أمر محمود يرجى لفاعله الأجر والثواب. [راجع السؤال رقم (١٠٠١٠) ]
ولا يخفى أنك في حكم الشرع أجنبي عن هذا البيت، فليس لك أن تخلو بأخت المتبني ولا بزوجته ولا ببنت من بناته، ولا حق لك في إرث واحد منهم، وليس لزوجتك أن تكشف على المتبني، ولا أن يخلو بها؛ لأنه ليس أبا لك شرعا.
ثالثا:
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من كافر، يهودي أو نصراني أو غيره؛ لقوله تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/٢٢١.
وقال: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/١٠.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (٣/١٣٠) .
فهذا الذي ارتكبته أخت المتبني بزواجها من النصراني منكر عظيم، وهو نكاح باطل، يجب فسخه، ولا يحل لها البقاء مع هذا الزوج بحال من الأحوال، كما يجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وتتضرع إليه أن يغفر لها ويصفح عنها.
وعيشك معها في وجود زوجها المذكور لا يجوز؛ لما فيه السكوت على هذا المنكر العظيم، إضافة إلى ما ذكرت من شربه الخمر.
وهذا كله مع اعتبار أن هذه المرأة ليست عمتك على الحقيقة، فلا يجوز لك ن تدخل عليها، أو أن تخلو بها، فضلا عن أن تعيش معها في بيت واحد!!
رابعا:
ينبغي أن تبحث عن عمل مباح تكسب منه ما تعول به نفسك وأهلك، وأن توقن بأن الرزق من عند الله تعالى، وأن أسباب الرزق كثيرة، وإن غفل عنها الناس، قال صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلا فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ) رواه البخاري (١٤٧٠) ومسلم (١٠٤٢) .
وليكن لك أسوة في عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فقد روى البخاري (٢٠٤٨) عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: (لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالا؛ فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي، وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا!!
قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ؛ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟
قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ!!
قَالَ: فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ، ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ!!
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَزَوَّجْتَ؟!!)
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَمَنْ؟
قَالَ: امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ.
قَالَ: كَمْ سُقْتَ؟
قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) .
فاستعن بالله تعالى ولا تعجز، وسل الله تعالى أن يغنيك من فضله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب