للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفرق بين الرشوة والوساطة

[السُّؤَالُ]

ـ[هل حكم الرشوة يطابق حكم الوساطة في قضاء المصالح؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

الوساطة هي الشفاعة، وقد تكون شفاعة حسنة أو سيئة، والحسنة منها ما أعانت على الخير، وتُوصل بها إلى تحصيل المباح، دون اعتداء على حق آخرين، أو تقديم من لا يستحق التقديم.

والسيئة، ما أعانت على الشر، أو كانت وسيلة إلى الظلم، وتقديم من ليس أهلا، وهذه قد تكون مع دفع الرشوة للوسيط، وقد تخلو من ذلك.

وراجع السؤال رقم (٢٦٨٠١) .

أما الرشوة فهي بذل المال الذي يتوصل به الإنسان إلى أخذ ما ليس له، كأن يرشي القاضي ليحكم له بالباطل، أو يرشي مسئولا ليقدمه على غيره، أو يعطيه ما لا يستحقه.

والرشوة من كبائر الذنوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لعنة الله على الراشي والمرتشي) رواه ابن ماجه (٢٣١٣) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

وراجع السؤال رقم (٢٢٤٥٢) ورقم (٧٠٣٦٧) .

ثانياً:

يجوز دفع الرشوة، إذا لم يتمكن الإنسان من الوصول إلى حقه إلى بها، وتكون حينئذ حراما على الآخذ دون المعطي.

قال ابن حزم رحمه الله: " ولا تحل الرشوة: وهي ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل , أو ليولى ولاية , أو ليظلم له إنسان، فهذا يأثم المعطي والآخذ.

فأما من منع من حقه فأعطى ليدفع عن نفسه الظلم فذلك مباح للمعطي , وأما الآخذ فآثم " انتهى من "المحلى" (٨/١١٨) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع أن يدفعها إليه , كما كان النبي يقول: (إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا. قيل: يا رسول الله , فلم تعطيهم؟ قال: يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل) . ومثل ذلك: إعطاء من أعتق وكتم عتقه , أو كان ظالما للناس فإعطاء هؤلاء جائز للمعطي , حرام عليهم أخذه.

وأما الهدية في الشفاعة , مثل: أن يشفع لرجل عند ولي أمر ليرفع عنه مظلمة , أو يوصل إليه حقه , أو يوليه ولاية يستحقها أو يستخدمه في الجند المقاتلة وهو مستحق لذلك , أو يعطيه من المال الموقوف على الفقراء أو الفقهاء أو القراء أو النساك أو غيرهم , وهو من أهل الاستحقاق , ونحو هذه الشفاعة التي فيها إعانة على فعل واجب , أو ترك محرم , فهذه أيضا لا يجوز فيها قبول الهدية , ويجوز للمهدي أن يبذل في ذلك ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه , هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (٤/١٧٤) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما الرشوة التي يتوصل بها الإنسان إلى حقه، كأن لا يمكنه الحصول على حقه إلا بشيء من المال، فإن هذا حرام على الآخذ وليس حرما على المعطي، لأن المعطي إنما أعطى من أجل الوصول إلى حقه، لكن الآخذ الذي أخذ تلك الرشوة هو الآثم لأنه أخذ ما لا يستحق " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (٤/٣٠٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>