للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز الاستمناء إذا علم عدم قدرته على القيام بواجبات الزوجة

[السُّؤَالُ]

ـ[حسب (شريعة) الإسلام، فإن على المرء أن يتزوج في أقرب فرصة يستطيع فيها الزواج كي يتجنب الوقوع في الممارسات الجنسية غير المشروعة، ومن ضمنها الاستمناء. لكن إذا كان الشخص متأكدا من أنه لن يتمكن من الوفاء (احترام) حقوق العباد الخاصة بزوجته عندها، ماذا يفعل؟ هل عليه أن يقدم ويتزوج، أم هل يجوز له ممارسة الاستمناء؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " رواه البخاري (النكاح/٤٦٧٧) ،

قال ابن حجر في فتح الباري: وَقَدْ قَسَّمَ الْعُلَمَاء الرَّجُل فِي التَّرْوِيج إِلَى أَقْسَام:

الأَوَّل التَّائِق إِلَيْهِ الْقَادِر عَلَى مُؤَنه الْخَائِف عَلَى نَفْسه , فَهَذَا يُنْدَب لَهُ النِّكَاح عِنْد الْجَمِيع , وَزَادَ الْحَنَابِلَة فِي رِوَايَة أَنَّهُ يَجِب. وَالْمَشْهُور عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ لا يَجِب لِلْقَادِرِ التَّائِق إِلا إِذَا خَشِيَ الْعَنَت.

وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: قَسَّمَ بَعْض الْفُقَهَاء النِّكَاح إِلَى الأَحْكَام الْخَمْسَة , وَجَعَلَ الْوُجُوب فِيمَا إِذَا خَافَ الْعَنَت وَقَدَرَ عَلَى النِّكَاح وَتَعَذَّرَ التَّسَرِّي - وَكَذَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ عَنْ بَعْض عُلَمَائِهِمْ وَهُوَ الْمَازِرِيّ قَالَ: فَالْوُجُوب فِي حَقّ مَنْ لا يَنْكَفّ عَنْ الزِّنَا إِلا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ وَالتَّحْرِيم فِي حَقّ مَنْ يُخِلّ بِالزَّوْجَةِ فِي الْوَطْء وَالإِنْفَاق مَعَ عَدَم قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَتَوَقَانه إِلَيْهِ.

قال السفّاريني: الْفَقِيرِ الَّذِي لا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ وَلَيْسَ بِذِي كَسْبٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَيْسَ بِذِي شَهْوَةٍ. فَيُقَالُ يُكْرَهُ النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ. وَعَدَمِ تَحْصِينِ زَوْجَتِهِ. وَعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ. انظر غذاء الألباب ج/٢ ص/٤٣٤

قَالَ عِيَاض: هُوَ مَنْدُوب فِي حَقّ كُلّ مَنْ يُرْجَى مِنْهُ النَّسْل وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْوَطْء شَهْوَة , لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِنِّي مُكَاثِر بِكَمْ " وَلِظَوَاهِر الْحَضّ عَلَى النِّكَاح وَالأَمْر بِهِ , وَكَذَا فِي حَقّ مَنْ لَهُ رَغْبَة فِي نَوْع مِنْ الاسْتِمْتَاع بِالنِّسَاءِ غَيْر الْوَطْء , فَأَمَّا مَنْ لا يُنْسِل وَلا أَرَبَ لَهُ فِي النِّسَاء وَلا فِي الاسْتِمْتَاع فَهَذَا مُبَاح فِي حَقّه إِذَا عَلِمَتْ الْمَرْأَة بِذَلِكَ وَرَضِيَتْ.

وفي الحديث دليل على تحريم الاستمناء، لأنه لو كان مشروعاً لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه، يراجع جواب سؤال رقم ٣٢٩.

وإذا صبر الإنسان عما حرمه الله عليه وتركه ابتغاء مرضات الله فإن الله عز وجل يأجره يوم القيامة ويجزل له المثوبة والعطاء، لأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

ولقول الله تعالى في صفة المؤمنين: (والذين هم لفروجهم حافظون) المؤمنون/ ٥

وعلى المسلم أن يسلك الطريق الشرعي الذي أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصوم. حفظنا الله وإياك من الوقوع في الحرام. والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>