للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يجوز إقامة جمعتين في مسجد واحد

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا الآن أدرس في كندا , هناك أعمال توسعية جارية في المسجد , ولذلك لا يتسع للجميع في صلاة الجمعة , ولهذا السبب تقام جمعتان لكي يتاح للجميع الصلاة , لكن المشكلة هي أن الصلاة الأولى تكون في الساعة الثانية عشرة والنصف. أي قبل دخول الوقت بحوالي ساعة كاملة.. هل هذا جائز في قول أيٍ من العلماء.. وما هو حكم الصلوات التي سبق وصليتها؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن الجمعة لا تصلى إلا بعد زوال الشمس، وذهب الحنابلة إلى جواز صلاتها قبل الزوال.

راجع: "الأم" (١/٢٢٣)"المجموع" (٤/٣٧٧-٣٨١)"الإنصاف" (٢/٣٧٥-٣٧٦) -

"الموسوعة الفقهية" (٢٧/١٩٧-١٩٨)

والأوْلى أن تصلى بعد الزوال، فإن اضطرت الجماعة أن تصليها قبل الزوال بنحو ساعة فلا حرج عليهم.

فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

هل تجوز صلاة الجمعة قبل الزوال بساعة - لضرورة دخول العمل في فرنسا - مع العلم أننا إذا لم نصلها قبل الدخول إلى العمل وذلك قبل الزوال بساعة لم نصل الجمعة، فهل للضرورة إباحة؟

فأجابوا:

"في تحديد أول وقت صلاة الجمعة خلاف بين العلماء، فذهب أكثر الفقهاء إلى أن أول وقتها هو أول وقت الظهر وهو زوال الشمس، فلا تجوز صلاتها قبل الزوال بكثير ولا قليل، ولا تجزئ؛ لقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: (كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتبع الفيء) رواه البخاري ومسلم. ولقول أنس رضي الله عنه:

(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس) رواه البخاري. وقال جماعة: لا يجوز قبل السادسة أو الخامسة.

وذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أن أول وقتها هو أول وقت صلاة العيد، أما الزوال فهو أول وقت وجوب السعي إليها، واستدلوا لجواز صلاتها قبل الزوال بقول جابر رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي - يعني الجمعة - ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس) رواه مسلم. ولقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان فيء) رواه أبو داود.

ويجمع بين الأحاديث: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها بعد الزوال أكثر الأحيان، ويصليها قبل الزوال قريبا منه أحيانا.

وعلى هذا، فالأولى أن تصلى بعد الزوال رعاية للأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وخروجا من الخلاف، وهذا مما يدل على أن المسألة اجتهادية، وأن فيها سعة، فمن صلى قبل الزوال قريبا منه فصلاته صحيحة إن شاء الله، ولا سيما مع العذر، كالعذر الذي ذكره السائل " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٨ / ٢١٦-٢١٧) .

وسئل الشيخ ابن جبرين:

نحن طلاب الملحقية السعودية في الولايات المتحدة نقدم صلاة الجمعة قبل دخول الوقت بساعة حيث إن الوقت يدخل في الساعة (الواحدة والربع) ونحن نصلي الساعة (الثانية عشر والربع) وذلك بسبب أن نسبة من الطلاب عندهم محاضرات في نفس الوقت ولا يتمكنون من أداء الصلاة إلا في هذا الوقت المبكر، إن كان هذا جائزا لهؤلاء فإن بعض الطلاب ممن ليس عندهم محاضرات يصلون في الوقت المبكر معهم وذلك لوجود مسجد واحد فقط، هل تجوز صلاتهم؟

فأجاب الشيخ حفظه الله:

" ذهب كثير من العلماء إلى أن وقت صلاة الجمعة يبدأ من أول وقت صلاة العيد أي بعد خروج وقت النهي ويستمر إلى دخول وقت العصر، ولكن يستحبون أن يصلوها بعد الزوال أي بعد دخول وقت الظهر؛ لأنها بدل على الظهر وهو الوقت المعتاد من عهد النبوة وعهد الخلفاء الراشدين، لكن قد ورد ما يدل على أن بعض الصحابة كانوا يقدمونها قبل الزوال، وحيث إن هناك عذر انشغال في الوقت المحدد لها، فنقول: لا بأس في أدائها قل الزوال ولو بساعة أو نحوها؛ لأن ذلك جائز عند كثير من العلماء ولوجود المسوغ لهذا التقديم. فعلى هذا لا مانع من صلاتهم جميعا في الوقت المذكور ولو كان العذر لبعضهم دون بعض. والله أعلم" انتهى.

انتهى من موقع الشيخ (الرابط)

وسئل الشيخ ابن عثيمين:

هناك بعض الخطباء يدخلون إلى المسجد يوم الجمعة ويشرعون في الخطبة قبل الوقت وربما أقيمت الصلاة ولم يحن وقت الزوال فما صحة ذلك؟

فأجاب:

"هذه المسألة – أي: الشروع في الخطبة والصلاة يوم الجمعة قبل الزوال - فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنها لا تجوز حتى تزول الشمس، ومنهم من قال: إنها تجوز، والصحيح أنها تجوز قبل الزوال بساعة أو نصف ساعة أو ما قارب ذلك" انتهى.

"لقاء الباب المفتوح" (١٦ / ١٩) .

يتبين مما سبق أن صلاة الجمعة إذا أديت قبل الزوال بنحو ساعة فهي صحيحة.

أما إقامة جمعتين في مسجد واحد، الواحدة بعد الأخرى: فهذا لا يجوز.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

عدد المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة في باريس وفي المدن الأخرى قليل بالإضافة إلى ضيقها بالمصلين لكثرة عددهم.

وحلا لهذه الأزمة التي تحرم كثيرا من المصلين من أداء فريضة الجمعة في فرنسا، فقد اقترح أحدهم أن تتم صلاة الجمعة في المسجد الواحد على دفعتين، كل دفعة بإمام وخطيب مستقل، (أي تقام صلاة الجمعة في الدفعة الأولى في وقتها ثم بعد انتهاء الخطبة والصلاة، يأتي إمام جديد ويخطب ويصلي الجمعة بالمصلين الذين قبلوا الانتظار والصلاة مع الدفعة الثانية. فما حكم الشرع في ذلك.

فأجابوا:

"إنشاء جمعتين في مسجد واحد غير جائزة شرعا، ولا نعلم له أصلا في دين الله، والأصل أن تقام جمعة واحدة في البلد الواحد، ولا تتعدد الجمع إلا لعذر شرعي؛ كبعد مسافة على بعض من تجب عليهم، أو يضيق المسجد الأول الذي تقام فيه عن استيعاب جميع المصلين، أو نحو ذلك مما يصلح مسوغا لإقامة جمعة ثانية، فعند ذلك يقام جمعة أخرى في مكان يتحقق بإقامتها فيه الغرض من تعددها.

فعلى الإخوة السائلين أن يلتمسوا مكانا آخر وسط من يأتون للمسجد المطلوب وإعادة صلاة الجمعة فيه ويقيموا فيه جمعة أخرى، حتى ولو لم يكن مسجدا كالمساكن الخاصة وكالحدائق والميادين العامة التي تسمح الجهات المسؤولة عنها بإقامة الجمعة فيها" انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٨ / ٢٦٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>