للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من يقبض أرواح الحيوانات وما مصيرها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ذوات الأرواح غير البشر من الحيوانات والطيور إذا ماتوا أين تذهب أرواحهم؟ وهل ملك الموت يقبضها أم ما الذي يحدث لها بالضبط؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

أخبر سبحانه أن ملك الموت يقبض أرواح بني آدم، فقال: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) السجدة/١١.

وأما أرواح البهائم والطير، فلم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة الصحيحة ـ فيما نعلم ـ، وإنما ورد في ذلك حديث لا يصح، وهو ما رواه العقيلي قي الضعفاء بلفظ: (آجال البهائم كلها من القمل والبراغيث والجراد والخيل والبغال كلها والبقر وغير ذلك، آجالها في التسبيح، فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها، وليس إلى ملك الموت من ذلك شيء) . قال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٤/١٨٨) : موضوع.

ولهذا قال بعض أهل العلم: إن ملك الموت هو الذي يقبض أرواح الجميع، وقال بعضهم: إن الله يتوفاها بنفسه، فيعدم حياتها. وينظر: "التذكرة" للقرطبي ص (٧٥) ، "الفواكه الدواني" (١/١٠٠) .

وذهب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إلى أن البحث في ذلك من التكلف، فقد سئل رحمه الله:

" هل ملك الموت موكل بقبض أرواح الحيوانات؟

فأجاب: "ما رأيك إذا قلت: إن ملك الموت موكل بقبض أرواح الحيوانات أو غير موكل، ما الفائدة من هذا؟! هل سأل الصحابة عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، هم أحرص منا على العلم، والرسول أقدر منا على الإجابة، ومع ذلك ما سألوا، إنما قال الله عز وجل: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) السجدة/١١، موكل بقبض أرواح بني آدم، أما غير أرواح بني آدم لم يثبت، الله أعلم.

ولكننا أهم شيء في جواب هذا السؤال أن الإنسان لا يتنطع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون) فلا تسأل عن شيء ليس فيه فائدة، والله لو كانت فيه فائدة بعلمنا أن ملك الموت يقبض أرواح الحيوانات الأخرى لبينها الله سبحانه وتعالى، إما في القرآن أو السنة، أو أن الله يقيض من يسأل الرسول عن هذا، ولهذا كان الصحابة يفرحون أن يأتي أعرابي من البادية يسأل عن شيء ربما يستحون أن يسألوا الرسول عنه.

الحاصل يا أخي أنت ومن يسمع أقول: إن التعمق في هذه الأمور خطأ؛ لأن الرسول قال: (هلك المتنطعون) ما قالها مرة: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون) ثلاث مرات، في مثل هذه الأمور الغيبية خذ ما ثبت ودع ما لم يذكر ... فعلينا يا إخواني! أن نأخذ من مسائل الغيب ما ثبت عندنا، والباقي نسكت عنه، لو كلفنا به أو كان لنا مصلحة في معرفته لبينه الله، قال الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل/٤٤، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئاً نحتاجه إلا بينه " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (١٤٦/١١) .

ثانيا:

أما مصير أرواح هذه الحيوانات، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه وابن جرير والبيهقي في "البعث" عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون) قال: يحشر الخلق كلهم يوم القيامة، البهائم والدواب والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء [التي لا قرون لها] من القرناء. قال: ثم يقول: كوني ترابا. فلذلك يقول الكافر: (يا ليتني كنت ترابا) النبأ/ ٤٠.

وينظر: "تفسير ابن كثير" (٣/٢٥٥) .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٤/٤٦٦) : " أورده السيوطي في "الدر المنثور" (٦/٣١٠) ولم يتكلم على إسناده كما هي عادته، وهو عند ابن جرير (٣٠/١٧) قوي" انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>