للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز له الإفطار بسبب مشقة العمل؟

[السُّؤَالُ]

ـ[نحن في بلد غربي أي: لا يهتم بالصيام والصائمين، وزوجي يعمل لفترة سنة ليكمل سنته الأخيرة في مجال الصيدلة وهذا العمل هو المقرر الدراسي للسنة الأخيرة، أي: سنة تطبيقية في ميدان العمل، المشكلة التي تواجهنا هي أن العمل يبعد مسافة ساعة بالسيارة، ومكان مكتظ بالمرضى، وبدأ زوجي يشعر بالدوار والصداع أثناء العمل حيث بدأ يعطي الأدوية للمرضى بطريقة خطأ، فهو الآن يفكر بالإفطار لهذا السبب، علما أن مسافة الطريق من المنزل للعمل أقل من ٤٨ ميلا كما ذكرتم في أحد الأجوبة، لكن الطريق يأخذ ساعة ذهابا وساعة أخرى إيابا، كما أن مدة العمل ١٢ ساعة متواصلة، فهل يجوز له الإفطار على أن يقضي بعد الانتهاء من هذه السنة الأخيرة من دراسته.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الصوم ركن من أركان الإسلام ثابت بالكتاب والسنة وإِجماع الأُمة، ولا يجوز للمسلم أن يفطر بغير عذر شرعي من مرض أو سفر، وقد يحصل للإنسان أثناء الصوم مشقة فعليه أن يصبر ويستعين بالله عز وجل، فإذا عطش الإنسان في نهار رمضان فلا بأس أن يصب على رأسه الماء للتبرد وأن يتمضمض، فإذا سبب له العطش ضرراً بالغاً أو خشي الهلاك من العطش جاز له الفطر، وعليه القضاء فيما بعد.

لكن لا يجوز أن يكون العمل هو السبب في المشقة الحاصلة له إذا كان يمكنه أخذ إجازة من العمل في شهر رمضان أو كان يستطيع تخفيف أعباء عمله فيه، أو تغييره إلى ما هو أسهل.

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

" من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على كل مكلف وركن من أركان الإسلام، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقاً لما فرض الله عليه، رجاء ثوابه وخوفاً من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا، ودون أن يؤثر دنياه على أخراه، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعاً، ففي المثال المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته، فالعمل كثير، وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة، ولن يعدم المسلم وجهاً من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً) الطلاق/٢، ٣.

وعلى تقدير أنه لم يجد عملاً دون ما ذكر مما فيه حرج وخشي أن تأخذه قوانين جائرة وتفرض عليه ما لا يتمكن معه من إقامة شعائر دينه أو بعض فرائضه فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة، قال الله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة) النساء/١٠٠، وقال تعالى: (قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) الزمر/ ١٠.

فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام " انتهى.

" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (١٠ / ٢٣٤ – ٢٣٦) .

وسئلوا – أيضاً -: عن رجل يعمل في مخبز ويواجه عطشاً شديداً وإرهاقاً في العمل هل يجوز له الفطر؟

فأجابوا:

" لا يجوز لذلك الرجل أن يفطر، بل الواجب عليه الصيام، وكونه يخبز في نهار رمضان ليس عذراً للفطر، وعليه أن يعمل حسب استطاعته " انتهى.

" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (١٠ / ٢٣٨) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>