ـ[هل يجوز تخزين كروت الشحن للجوال، وعدم بيعها الآن رغبة في أن يرتفع سعرها أم هذا يعتبر احتكارا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف أهل العلم فيما يجرى فيه الاحتكار، فمنهم من جعله في القوت خاصة.
ومنهم من أجراه في كل ما يحتاجه الناس ويتضررون بحبسه، وهذا مذهب المالكية ورواية عن أحمد، وهو الصحيح الموافق لظاهر الأحاديث.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى في "نيل الأوطار"(٥/٢٦٢) :
"وظاهر الأحاديث أن الاحتكار محرم، من غير فرق بين قوت الآدمي والدواب وبين غيره، والتصريح بلفظ الطعام في بعض الروايات لا يصلح لتقييد بقية الروايات المطلقة، بل هو من التنصيص على فرد من الأفراد التي يطلق عليها المطلق" انتهى.
وقال الرملي الشافعي في حاشيته على "أسنى المطالب"(٢/٣٩) : "ينبغي أن يجعلوه في كل ما يحتاج إليه غالباً من المطعوم والملبوس" انتهى.
وهذا ما يتفق مع الحكمة التي من أجلها منع الاحتكار، وهي منع الإضرار بالناس، وبهذا القول أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء (١٣/١٨٤) حيث قالت: " لا يجوز تخزين شيء الناس في حاجة إليه، ويسمى الاحتكار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يحتكر إلا خاطئ) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، ولما في ذلك من الإضرار بالمسلمين.
أما ما كان الناس في غنى عنه، فيجوز تخزينه حتى يُحتاج إليه فيبذل لهم، دفعاً للحرج والضرر عنهم " انتهى.
وللفائدة ينظر جواب سؤال رقم (٨٥١٩٥) .
وبناء على ذلك، فإن كان تخزين هذه الكروت لا يضر بالناس؛ لأنهم يستغنون عنها بغيرها، فلا حرج في تخزينها ولا يدخل ذلك في الاحتكار حينئذ.
وأما إن كان عدم بيعها الآن يضر الناس، ويقعون في حرج وضيق؛ لعدم وجود البديل لها، مما يضطرهم إلى دفع أكثر من ثمنها المعتاد من أجل الحصول عليها، فهذا احتكار محرم.