للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يرهن منزله لمصرف غير إسلامي حتى يشتري منزلا آخر؟

[السُّؤَالُ]

ـ[عائلة تعيش في شقة صغيرة وغير صالحة للعيش، بالإيجار، مع العلم أن لديهم بيتا لكن في مدينة أخرى ويتعذر على رب الأسرة أن يترك أسرته في هذا المكان وذلك لأن عملها في مكان آخر ولا يوجد لديها الدخل الكافي لشراء منزل في المدينة المقيم بها فهل يجوز رهن المنزل الذي لديها لمصرف غير إسلامي لشراء منزل آخر في المدينة المقيم بها مع العلم أنه لا يوجد مصارف إسلامية في مدينته ورب الأسرة يعمل لسداد دين كبير عليه وكل ما يعمل به يذهب في هذا الدين.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا كان المقصود هو الاقتراض من المصرف، ورهن المنزل لديه، توثيقا للدين، فينظر:

أولا: إن كان القرض يسدد مع زيادة (فائدة) فهو قرض ربوي محرم.

قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (٦/٤٣٦) .

ثانيا: إن كان القرض يسدد من غير زيادة، لكن البنك يستفيد من المنزل مجانا حتى يتم السداد، فهذا أيضا محرم، وهو صورة من صور الربا، وقد نص الفقهاء على أن الرهن إذا كان في قرض، فلا يجوز للمرتهن (كالمصرف) الانتفاع به مجانا؛ لأن هذا حيلة على القرض الربوي، بل إذا أراد المصرف أن ينتفع به، فإنه يستأجره بأجرة مثله من غير محاباة.

قال ابن قدامة في "المغني" (٤/٢٥٠) : "إن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض , وكان دين الرهن من قرض , لم يجز ; لأنه يحصل قرضا يجر منفعة , وذلك حرام.

قال أحمد: أكره قرض الدور، وهو الربا المحض. يعني: إذا كانت الدار رهنا في قرض ينتفع بها المرتهن ... " انتهى.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: تنتشر في بعض قرى مصر عادة رهن الأراضي الزراعية، إذ يقوم الرجل الذي يحتاج إلى مال بأخذ المال من الرجل الذي يملك المال، وفي مقابل أخذ المال، يأخذ صاحب المال الأرض الزراعية التي هي ملك للمدين كرهن، ويأخذ صاحب المال الأرضَ وينتفع بثمارها وما تدره الأرض، ولا يأخذ صاحب الأرض شيئا، وتظل الأرض الزراعية تحت تصرف الدائن حتى يدفع المدين المال لصاحبه. فما حكم رهن الأرض الزراعية، وهي أخذ ما تدره الأرض حلال أم حرام؟

فأجابوا: "من أقرض قرضا فإنه لا يجوز له أن يشترط على المقترض نفعا في مقابل القرض؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل قرض جر نفعا فهو ربا) وقد أجمع العلماء على ذلك، ومن ذلك ما ذكر في السؤال من رهن المقترض للمقرض الأرض، وانتفاعه بها إلى تسديد القرض الذي له على صاحب الأرض، وهكذا لو كان له عليه دين، لم يجز لصاحب الدين أن يأخذ غلة الأرض أو الانتفاع بها في مقابل إنظار المدين، ولأن المقصود من الرهن الاستيثاق لحصول القرض أو الدين، لا استغلال الرهن في مقابل القرض أو الإهمال في تسديد الدين " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٤/١٧٧) .

ثالثا: إن كان القرض يسدد من غير زيادة، والمنزل المرهون لا ينتفع به البنك، أو ينتفع به بأجرة مثله، فهذا جائز، وهو قرض حسن ولا إشكال فيه.

وإذا كان القرض محرما كما في الحالة الأولى والثانية، فإنه لا يجوز الدخول فيه، ولو كانت الأسرة بحاجة للمنزل، كما ذكرتِ، لما جاء في الربا من الوعيد الشديد، نسأل الله العافية.

هذا وإن كانت مسألة الرهن على غير ما تصورنا، فلعلك توضحين الأمر.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>