كيف تسمح الدول الإسلامية بإنشاء البنوك الربوية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت كثيراً من الفتاوى التي تحرم العمل في البنوك التي تتعامل بالربا، وعندي إشكال وهو: إذا كانت هذه البنوك محرمة والعمل بها حراماً، فكيف يسمح بإنشائها في الدول الإسلامية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحرام ما حرمه الله ورسوله، والحلال ما أحله الله ورسوله.
والربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وكل مؤسسة أو بنك يقوم على الربا، فهو مؤذَن بالحرب من الله ورسوله، سواء كان ذلك في دولة إسلامية أو في دولة كافرة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) البقرة / ٢٧٨-٢٧٩.
وإقرار الحكومات للبنوك الربوية لا يعتبر دليلاً على إباحة ذلك، وقد أخبرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سيأتي على الناس زمان يستحلون فيه ما حرم الله عليهم كالزنا والخمر والمعازف، ولا يعني ذلك أن هذه المحرمات تصير حلالاً بذلك.
وقد كثر تحذير أهل العلم من هذه البنوك، وكثرت فتاواهم في تحريم العمل فيها دون التفات لكونها مرخصا لها من قبل الدولة، وكثيراً ما نصحوا حكومات الدول الإسلامية بمنع هذه البنوك الربوية.
جاء في فتاوى الجنة الدائمة (١٥/٥١) :
(الربا حرام بالكتاب والسنة والإجماع. . . والعمل بالبنوك التي تتعامل بالربا حرام. . . وتقرير الحكومة له أو ترخيصها بفتح البنوك وإنشائها أو السكوت عن ذلك لا يبيح للمسلم التعامل بالربا، ولا يبيح له العمل فيها؛ لأنها ليس لها سلطة التشريع، إنما التشريع إلى الله وحده في كتابه العزيز، أو وحيه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم) اهـ.
وجاء فيها أيضاً (١٥/٥٥) :
(العمل في البنوك التي تتعامل بالربا حرام سواء كانت في دولة إسلامية أو دولة كافرة، لما فيه من التعاون معها على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه بقولهم: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة /٢.) اهـ.
وقال الشيخ ابن باز بعد أن ذكر بعض الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الربا:
(فهذه بعض الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبين تحريم الربا وخطره على الفرد والأمة، وأن من تعامل به وتعاطاه فقد أصبح محارباً لله ورسوله. فنصيحتي لكل مسلم أن يكتفي بما أباح الله ورسوله وأن يكف عما حرمه الله ورسوله. ففيما أباح الله كفاية وغنى عما حرم الله وألا يغتر بكثرة بنوك الربا وانتشار معاملاتها في كل مكان، فإن كثيراً من الناس أصبح لا يهتم بأحكام الإسلام، وإنما يهتم بما در عليه المال من أي طريق كان وما ذلك إلا لضعف الإيمان وقلة الخوف من الله عز وجل وغلبة حب الدنيا على القلوب نسأل الله السلامة) اهـ. مجلة البحوث الإسلامية (٦/٣١٠) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب