إذا خرج المنيّ حال اليقظة بسبب المرض فلا يجب الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[في جوابك على السؤال رقم ١٩٢٧ قلت بأن سيلان المني بسبب المرض لا يستوجب الغسل. لكنك لم تقدم أي حديث يؤيد جوابك. فهلا تفضلت بإخباري عن الأمور التي بنيت جوابك عليها ليرتاح قلبي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قول الله تعالى: (وإن كنتم جنُباً فاطَّهروا) المائدة/٦، والجنُب هو الذي خرج منه المنيّ دفقاً بلذّةٍ.
ودفقاًً لأن الله سبحانه يقول: (فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماءٍ دافق) الطارق/٥-٦
فإذا خرج من يقظان بغير لذّة فإنه لا يوجب الغسل، أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " الماء من الماء " الذي رواه مسلم (الحيض/٥١٨) فإنه يحمل على المعهود المعروف مِنْ خروجه بلذّة، ويوجب تحلُّلَ البدن وفتوره، أما الذي يخرج بدون ذلك، فإنه لا يوجب تحلُّلَه وفتوره.
ولهذا ذكروا لهذا الماء ثلاث علامات:
الأولى: أن يخرج دفقاً.
الثانية: رائحته فإذا كان يابساً فإن رائحته تكون كرائحة البيض، وإذا كان غير يابس فرائحته تكون كرائحة الطين واللقاح.
الثالثة: فتور البدن بعد خروجه.
انظر الشرح الممتع لابن عثيمين ج١/ص٢٧٧-٢٧٨
وسئلت اللجنة الدائمة عن الموجب للغسل في الاحتلام فأجابت:
لا يخفى أن الغسل يجب بخروج المنيّ دفقاً بلذّةٍ في اليقظة، وبوجوده مطلقاً في حال النوم، لما روى الإمام أحمد عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا فضخت الماء فاغتسل وإن لم تكن فاضخاً فلا تغتسل " والفضخ هو خروجه بالغلبة. أهـ
فتاوى إسلامية ج١/ص٢١٦
وقد ثبت عند أبي داود والنسائي أيضاً من ْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ رَجُلا مَذَّاءً فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ذُكِرَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَفْعَلْ إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ فَإِذَا فَضَخْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ " رواه أبو داود (الطهارة/١٧٨) ، والنسائي (الطهارة/١٩٣) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم ١٨٧
قال شارح الحديث: الفضخ الدَّفق، أي صببت المنيَّ بشدّةٍ، وجامعت فاغتسل.
قال ابن منظور: في (وإذا رأيت فضخ الماء) قال: وفضخ الماء: دفْقُه، وانفضخ الدَّلو إذا دفق ما فيه من الماء ٣/٤٦. وهذا يدل على أنه إذا خرج غير ذلك حال اليقظة أو كان يسيل بسبب مرض فإنه لا يوجب الغسل.
قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: لَوْ انْفَصَلَ - أَيْ الْمَنِيُّ - بِضَرْبٍ أَوْ حَمْلٍ ثَقِيلٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَلا غُسْلَ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الدَّرْدِيرُ: وَإِنْ خَرَجَ بِلا لَذَّةٍ بَلْ سَلَسًا أَوْ بِضَرْبَةٍ أَوْ طَرِبَةٍ أَوْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ فَلا غُسْلَ.
نصَّ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُ الرَّجُلِ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ , وَلَمْ يُنْزِلْ مِنْ الذَّكَرِ , فَإِنَّهُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ. وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ حُكْمَهُ كَالنَّجَاسَةِ الْمُعْتَادَةِ.
انظر الموسوعة الفقهية ج/٣١ ص/١٩٧
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد