رضيت أمها بالخاطب ثم رفضته فهل تأثم إذا تزوجت منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من فتاة ذات خلق ودين ونسب. ووالداي الفتاة مطلقان، وقد تقدمت إلى الفتاة عن طريق ولي أمرها، وقد نلت القبول منه وكذلك أمها، غير أن في قلب أمها شيئاً عليّ لأني تقدمت عن طريق طليقها - ولي أمر الفتاة -. مع الملاحظة بأن أم زوجتي غير مستقرة نفسياً، وقد أخبرني طليقها بذلك وكذلك زوجتي. وفي الفترة التي بين عقد القران والزفاف، كانت أم زوجتي تضيق على زوجتي وتشتمها. لذلك قررنا أن نعجل بالزفاف، وقد استأذنت ولي أمرها بالتعجيل فأذن لي وحدد موعد الزفاف. غير أن موعد الزفاف قد تصادف في يوم تكون فيه أم الفتاة مسافرة. مع علمنا بأنها ستسافر، وقد طالبناها مراراً وتكراراً أن تحدد تاريخ سفرها، ولم تخبرنا إطلاقاً مع علمها بموعد سفرها ورجوعها من السفر. طلبت مني زوجتي تأجيل موعد الزفاف لحين عودة أمها، ولكني رفضت وكذلك ولي أمرها، وذلك لأنه كلما طال موعد الزفاف كثرت المشاكل، وقد تبين لي بأن والدة زوجتي كانت تسعى إلى طلاقي من زوجتي. وتم الزفاف بعدم حضور أم زوجتي وعدد من أخواتها وأخ واحد، إذ قد علمنا في وقت لاحق بأن أمها وأختها الكبيرة كانتا تحرضان إخوة وأخوات زوجتي بعدم الحضور، وقد انقسم إخوة وأخوات زوجتي فريقين، منهم من لم يلق بالاً لهذا التحريض ومنهم أذعن. وبعد الزفاف حدثت قطيعة بين زوجتي وأمها وأخواتها، متهمين زوجتي بعقوق أمها ومتهمين لي بالتحريض على عقوق أمها.
سؤالي: لو فرضنا جدلاً بأن أم زوجتي رفضتني كزوج لابنتها، وولي أمرها موافق وحث ابنته للقبول بي، فهل عدم طاعة زوجتي أمها عقوقاً؟ ماذا لو اختلفت مع أم زوجتي ووجدت زوجتي نفسها في موقف محرج، فأينا تطيع؟ زوجها أم أمها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يبارك لك، وأن يبارك عليك، وأن يجمع بينكما في خير، وأن يرزقكما الذرية الصالحة.
ثانيا:
إذا كان الأمر كما ذكرت من كون أم الزوجة تعاني من أمور نفسية، وأنها رضيت بك أولا، فليس على ابنتها شيء في مخالفتها، وقبول الزواج منك ما دام وليها راضيا.
وعليها أن تسعى في برها، وأن تجتهد في صلتها، وأن تحسن العلاقة مع أخواتها، ولو أساءوا إليها، فإن الرحم شأنها عظيم، وليس الواصل بالمكافئ، بل الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثا:
إذا تعارضت طاعة الوالدين مع طاعة الزوج، فإن طاعة الزوج مقدمة، لعظم حقه على زوجته، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ) رواه أبو داود (٢١٤٠) والترمذي (١١٥٩) وابن ماجه (١٨٥٣) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (١٩٠٢٥) والحاكم عن الحصين بن محصن: أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: (فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك) صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١٩٣٣) .
ومعنى: " ما آلوه ": أي ما أقصّر في حقه.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها. "شرح منتهى الإرادات" (٣/٤٧) .
ولكن على زوجتك أن تبر أمها ما استطاعت، ولتكن أنت عوناً لها على ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب