للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اتخاذ سكرتيرة والاختلاط في العمل

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز للزوج أن يعمل مع النساء في المكتب؟ هل يجوز للرجل أن يكون له سكرتيرة؟ ماذا يجب على الرجل فعله ليتجنب صحبة زميلات العمل إذا أراد أن يؤدي العمل المناط به؟ هل يوافق على عمل فيه اختلاط في بلد غير مسلم وقانون غير إسلامي؟ أم يجب أن يبحث عن شيء أفضل للرجل المسلم حسب تعاليم الشريعة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

سبق أن ذكرنا في الجواب على السؤال رقم (١٢٠٠) أدلة تحريم الاختلاط ومفاسده.

والأصل عدم بقاء المسلم في بلاد الكفر، ولا يجوز له الدراسة ولا العمل في بيئة مختلطة، كما لا يجوز له أن يكون له سكرتيرة لما في ذلك كله من مفاسد كثيرة واضحة ما عادت تخفى على أحدٍ.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

ما حكم معاملة النساء كالرجال في المصانع أو في المكاتب غير الإسلامية؟

فأجابوا:

"أما حكم اختلاط النساء بالرجال في المصانع والمكاتب وهم كفار في بلاد كافرة فهو غير جائز، ولكن عندهم ما هو أبلغ منه وهو الكفر بالله – جل وعلا – فلا يستغرب أن يقع بينهم مثل هذا المنكر، وأما اختلاط النساء بالرجال في البلاد الإسلامية وهم مسلمون: فحرام، وواجب على مسئولي الجهة التي يوجد فيها هذا الاختلاط أن يعملوا على فصل النساء على حدة والرجال على حدة، لما في الاختلاط من المفاسد الأخلاقية التي لا تخفى على من له أدنى بصيرة" انتهى.

"فتاوى إسلامية" (٣/٩٢، ٩٣) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

هل يجوز العمل للفتاة في مكان مختلط مع الرجال؟ علماً بأنه يوجد غيرها من الفتيات في نفس المكان.

فأجاب:

"الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء بعمل حكومي أو بعمل في قطاع خاص أو في مدارس حكومية أو أهلية، فإن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة، ولو لم يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة وزوال الهيبة للرجال، لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجل من النساء، ولا حياء عند النساء من الرجال، وهذا (أعني الاختلاط بين الرجال والنساء) خلاف ما تقضيه الشريعة الإسلامية، وخلاف ما كان عليه السلف الصالح، ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للنساء مكاناً خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد، لا يختلطن بالرجال، كما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خطب في الرجال نزل وذهب للنساء فوعظهن وذكرهن، وهذا يدل على أنهن لا يسمعن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، أو إن سمعن لم يستوعبن ما سمعنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها، وخير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها) ، وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف، وإذا كان هذا في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط.

والذي أدعو إليه إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط، وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ، فنحن والحمد لله - نحن المسلمين - لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا ويجب أن نحمد الله سبحانه وتعالى أن منَّ علينا بها، ويجب أن نعلم أننا متبعون لشرع الله الحكيم الذي يعلم ما يصلح العباد والبلاد، ويجب أن نعلم أن من نفروا عن صراط الله عز وجل وعن شريعة الله فإنهم على ضلال، وأمرهم صائر إلى الفساد، ولهذا نسمع أن الأمم التي يختلط نساؤها برجالها أنهم الآن يحاولون بقدر الإمكان أن يتخلصوا من هذا، ولكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد، نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر وفتنة" انتهى.

"فتاوى إسلامية" (٣/٩٣، ٩٤) .

وعمل المرأة "سكرتيرة" لرجل، أشد خطورة من مجرد عملها في مكان تختلط فيه بالرجال، لأن عمل "السكرتيرة" يقتضي تعاملها مع رجل واحد باستمرار (وهو مديرها) وهذا يرفع الحياء والتكلف بينهما بمرور الوقت مما يؤدي إلى حصول ما لا تحمد عقباه.

فالواجب على الرجل – وكذلك المرأة – أن يبحث عن عمل لا اختلاط فيه (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق/٢، ٣.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>