إهداء ثواب الطاعات للنبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقرأ القرآن مثلاً , ثم يقول: وهبت ثواب هذه القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصواب المقطوع به أن إهداء ثواب الطاعات إلى النبي صلى الله عليه وسلم بدعة , والدليل على هذا:
١- أن هذا الإهداء لا حاجة إليه , ولا داعي له , فإن النبي صلى الله عليه وسلم له مثل أجور أمته من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً , كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (٢٦٧٤) .
وقال: (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) رواه مسلم (١٠١٧) .
وهو صلى الله عليه وسلم قد سن سنن الهدى جميعها لأمته، فصار إهداء العامل الثواب للنبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه فائدة , بل فيه إخراج العامل للثواب عن نفسه من غير فائدة تحصل لغيره , فهذا العامل فاته ثواب العمل , والنبي صلى الله عليه وسلم له مثل هذا الثواب من غير إهداء.
٢- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن هذا لأمته , وقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) رواه البخاري (٢٦٩٧) ومسلم (١٧١٨) واللفظ لمسلم.
٣- أن السلف - من الخلفاء الراشدين , وسائر الصحابة والتابعين - لم يكونوا يفعلون ذلك , وهم أعلم بالخير , وأرغب فيه , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) رواه أبو داود (٤٦٠٧) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
انظر رسالة: "إهداء الثواب للنبي صلى الله عليه وسلم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وقد سئل ابن العطاء تلميذ النووي رحمهما الله: هل تجوز قراءة القرآن وإهداء الثواب إليه صلى الله عليه وسلم وهل فيه أثر؟
فأجاب:
" أما قراءة القرآن العزيز فمن أفضل القربات، وأما إهداؤه للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينقل فيه أثر ممن يعتد به، بل ينبغي أن يمنع منه، لما فيه من التهجم عليه فيما لم يأذن فيه، مع أن ثواب التلاوة حاصل له بأصل شرعه صلى الله عليه وسلم، وجميع أعمال أمته في ميزانه " انتهى.
ونقل السخاوي عن شيخه الحافظ ابن حجر رحمه الله أنه سئل عمن قرأ شيئا من القرآن وقال في دعائه: اللهم اجعل ثواب ما قرأته زيادة في شرف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب:
" هذا مخترع من متأخري القراء، لا أعلم لهم سلفاً فيه " انتهى نقلاً من: "مواهب الجليل" (٢/٤٥٤,٥٤٤)
هذا مع أن قراءة القرآن وإهداء الثوب للأموات فيه خلاف بين العلماء، انظر السؤال (٧٠٣١٧، ٤٦٦٩٨) لكن حتى لو قيل بجوازه، فلا يجوز الإهداء للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يحصل به إلا حرمان العامل من الثواب من غير فائدة لغيره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب