اعتاد أن يحلف صادقاً أو كاذباً، فكيف يكفر عن هذه الأَيمان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[للأسف من صغري تعودت على الحلف صادقا أو كاذبا وقد حاولت مع نفسي ترك هذه العادة السيئة وأنا أعتقد أني الآن أمشي على الدرب الصحيح. سؤالي ما حكم الأيمان السابقة؟ ماذا أفعل ليغفر الله لي؟ هل أخرج كفارة عن كل حلف، ولكن المشكلة أني لا أستطيع معرفة عدد الأيمان التي حلفتها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اليمين على ثلاثة أوجه:
الأول:
اليمين المنعقدة: وهي اليمين التي يقصدها الحالف ويصمم عليها، وتكون على أمر مستقبل أن يفعله أو لا يفعله. وحكمها: وجوب الكفارة فيها عند الحنث. قال ابن قدامة رحمه الله: (ومن حلف أن يفعل شيئا , فلم يفعله , أو لا يفعل شيئا , ففعله , فعليه الكفارة) لا خلاف في هذا عند فقهاء الأمصار. قال ابن عبد البر: اليمين التي فيها الكفارة بإجماع المسلمين , هي التي على المستقبل من الأفعال) المغني ٩/٣٩٠
الثاني:
اليمين اللغو: وهي الحلف من غير قصد اليمين، وهذه لا كفارة فيها؛ لقول الله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) البقرة/٢٢٥، قالت عائشة رضي الله عنها: أنزلت هذه الآية (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) في قول الرجل لا والله وبلى والله " رواه البخاري (٤٦١٣)
ومن حلف على شئ يظنه كما حلف، فبان بخلافه، فلا كفارة عليه، عند أكثر أهل العلم، وهو من اللغو.
قال ابن قدامة رحمه الله: ومن حلف على شيء يظنه كما حلف , فلم يكن , فلا كفارة عليه ; لأنه من لغو اليمين) أكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها. قاله ابن المنذر. يروى هذا عن ابن عباس , وأبي هريرة , وأبي مالك , وزرارة بن أوفى , والحسن , والنخعي , ومالك , وأبي حنيفة , والثوري.
وممن قال: هذا لغو اليمين. مجاهد , وسليمان بن يسار , والأوزاعي , والثوري , وأبو حنيفة وأصحابه.
وأكثر أهل العلم على أن لغو اليمين لا كفارة فيه. وقال ابن عبد البر: أجمع المسلمون على هذا.
لقول الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) . وهذه منه , ولأنه غير مقصود للمخالفة , فأشبه ما لو حنث ناسيا) انتهى من المغني ٩/٣٩٣
الثالث:
أن يحلف على شيء ماض وهو كاذب وهي من كبائر الذنوب، ولا كفارة فيها عند جمهور العلماء؛ لأنها أعظم من أن تكفّر.
إذا عُلم هذا، فما حلفته من الأيمان المنعقدة، وحنثت فيه، فيلزمك فيه الكفارة.
وإذا نسيت عدد هذه الأيمان، فاجتهد وأخرج من الكفارات ما يغلب على ظنك أنك تبرأ به.
وما كان من هذه الأيمان معقودا على فعلٍ واحد، أو ترك شيءٍ واحد، ففيها كفارة واحدة، وذلك مثل أن تحلف ألا تكلم فلانا، فتحنث، ولا تكفّر، ثم تعود فتحلف ألا تكلمه، وتحنث، فلا يلزمك إلا كفارة واحدة. بخلاف ما لو حلفت ألا تكلمه، ثم حلفت أن لا تأكل طعامه مثلا، فيلزمك حينئذ كفارتان، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (٣٤٧٣٠)
والله أعلم.
وخلاصة الجواب:
أن الأيمان التي حلفتها على شيء تفعله أو لا تفعله في المستقبل وحنثت فيها يجب عليك فيها الكفارة.
والأيمان التي حلفتها على شيء في الماضي أنك فعلته أو لم تفعله وأنت كاذب في ذلك لا كفارة عليها، وعليك التوبة إلى الله، والله تعالى يتوب على من تاب. وفقك الله وغفر لك ذنبك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب