للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب من الرجل أن يتزوجها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا مسلمة جديدة ولله الحمد ولي سؤال هو: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب من الرجل أن يتزوجها؟ هل ذكر الحديث عن المرأة تطلب الرجل؟

الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا ... الحديث " رواه الترمذي، وصححه الألباني.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يسرنا أن نبارك لك اختيارك الموفق لطريق الأنبياء ومسلك العاقلين وهو توحيد الله تعالى والشهادة لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة.

وأما عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح فإنه لا يناقض الحياء، على أن يكون موثوقاً بدينه وخلقه.

عن ثابت البناني قال: كنتُ عند أنس بن مالك وعنده ابنة له قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقلَّ حياءها، وا سوأتاه، وا سوأتاه، قال: هي خير منكِ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضتْ عليه نفسَها. رواه البخاري (٤٨٢٨) .

وقد بوَّب عليه الإمام البخاري بقوله: باب " عرْض المرأة نفسَها على الرجل الصالح ".

وقال الحافظ ابن حجر:

قال ابن المنيِّر في " الحاشية ": من لطائف البخاري أنه لما علم الخصوصية في قصة الواهبة استنبط من الحديث ما لا خصوصية فيه وهو جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح رغبة في صلاحه، فيجوز لها ذلك، وإذا رغب فيها تزوجها بشرطه....

وفي الحديثين – أي: حديث سهل وحديث أنس وكلاهما في التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم -: جواز عرض المرأة نفسها على الرجل، وتعريفه رغبتها فيه، أن لا غضاضة عليها في ذلك، وأن الذي تعرض المرأة نفسها عليه بالاختيار ـ له أن يقبل أو يرفض ـ، لكن لا ينبغي أن يصرح لها بالرد بل يكتفي السكوت. " فتح الباري " (٩ / ١٧٥) .

وقال العيني:

قول أنس لابنته " هي خير منكِ " دليل على جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح، وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه وفضله، أو لعلمه وشرفه، أو لخصلة من خصال الدين، وأنه لا عار عليها في ذلك، بل يدل على فضلها، وبنت أنس – رضي الله عنه – نظرت إلى ظاهر الصورة، ولم تدرك هذا المعنى حتى قال أنس " هي خير منكِ "، وأما التي تعرض نفسها على الرجل لأجل غرض من الأغراض الدنيوية فأقبح ما يكون من الأمر وأفضحه. " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " (٢٠ / ١١٣) .

والأفضل للمرأة أن تلمِّح لوليِّها برغبتها بالزواج من الرجل الصالح الموثوق بدينه وخلقه دون التصريح للزوج بذلك، ويمكن الاستدلال بما فعلته إحدى المرأتين حين قالت لأبيها – عن موسى عليه السلام -: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) القصص/٢٦، قال القرطبي:

قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) القصص/٢٧ فيه عرض الولي ابنته على الرجل، وهذه سنَّة قائمة عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن الحَسن عرض الرجل وليته، والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح، قال ابن عمر لما تأيمت حفصة قال عمر لعثمان: إن شئتَ أنكحك حفصة بنت عمر، انفرد بإخراجه البخاري (٤٠٠٥)

" تفسير القرطبي " (١٣ / ٢٧١) .

إلا أن ينبغي التنبيه على أن أكثر ما يقع الآن من ميل المرأة إلى رجل معين يكون بأسباب محرَّمة كالتساهل منها في مخاطبته والجلوس معه. وقد يكون صاحب غرض سيئ فيستغل هذا العرض منها في الوصول إلى بعض أغراضه. فيجب الحذر من هذا وحفظ العرض عما يدنسه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>