للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدعاء المطلق لا يشترط فيه الورود في السنة

[السُّؤَالُ]

ـ[سمعت أحد الجهلة يدعو ومما قال في دعائه: " رب لا تكلني إلى أحد، وتحوجني إلى أحد، واغنني عن كل أحد، يا من له المستند، وعليه المعتمد، هو الواحد الفرد الصمد، لا شريك له ولا ولد. اللهم ردني من الضلال إلى الرشد، وجنبني من كل خطيئة ونكد " فما رأي فضيلتكم في هذا الدعاء؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ينبغي أن تفرق – أخي السائل – بين نوعين من الدعاء:

النوع الأول: الدعاء المُقَيَّد: نعني به المرتبط بزمان أو مكان أو عبادة، أو جاء الشرع بتقييده بعدد أو فضيلة ونحو ذلك من القيود، كالأدعية الواردة في استفتاح الصلاة، وأذكار الصباح والمساء، وأدعية النوم، والطعام، ونحوها.

فهذا النوع يجب التقيُّدُ فيه بما جاء في الشرع الحكيم، من غير زيادة ولا نقصان، ولا يجوز ابتداع شيء من الأدعية لتحل محل ما ورد في السنة.

وهذا ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب رضي الله عنه حين قال له:

(إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَاّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.

فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ.

قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ. قَالَ: " لَا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ")

رواه البخاري (٢٤٧) ومسلم (٢٧١٠)

يقول العلامة المعلمي رحمه الله في كتابه "العبادة" (ص/٥٢٤) :

" وما أخسر صفقة من يَدَعِ الأدعيةَ الثابتة في كتاب الله عز وجل أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يكاد يدعو بها، ثم يعمد إلى غيرها فيتحراه ويواظب عليه، أليس هذا من الظلم والعدوان؟! " انتهى.

أما النوع الثاني: فهو الدعاء المطلق: وهو سؤال الله الحاجات العامة والخاصة، والتوجه إليه سبحانه بما يحتاجه المرء وما يريده، كالدعاء في السجود، وفي ثلث الليل الآخر، وفي يوم عرفة ونحوه.

فمثل هذه الأدعية لا يُشترط فيها الثبوت ولا الورود، بل يكفي أن تكون كلماتُ الدعاء كلماتٍ شرعيةً صحيحةً، ليس فيها تعدٍّ ولا تجاوز، وليس فيها دعاء بإثم أو قطيعة رحم.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٤/٢٠٣-٢٠٤) :

" باب الأدعية واسع، فليدع العبد ربه بما يحتاجه مما لا إثم فيه.

أما الأدعية والأذكار المأثورة: فالأصل فيها التوقيف من جهة الصيغة والعدد، فينبغي للمسلم أن يراعي ذلك، ويحافظ عليه، فلا يزيد في العدد المحدد، ولا في الصيغة، ولا ينقص من ذلك ولا يحرف فيه " انتهى.

وفيها أيضا (٢٤/٢٧٥) :

" الأدعية الواردة في الكتاب والسنة هي التي يشرع التزامها والعناية بها وحفظها ونشرها، أما غيرها من الأدعية التي ينشئها سائر الناس فليست كذلك؛ لأن أحسن أحوالها كونها مباحة، وقد تحتوي على عبارات موهمة، أو غير صحيحة " انتهى باختصار.

والذي يظهر أن الدعاء الوارد في السؤال هو من الدعاء المطلق، وبالنظر في كلماته وجمله يظهر أيضا أنه دعاء جائز لا حرج فيه، ولا يظهر لنا فيه مخالفة شرعية، بل كلماته سليمة صحيحة، فلا ينبغي لك إنكاره ولا وسم الداعي به بالجهل.

وانظر جواب السؤال رقم (٢١٥٦١) ، (٧٥٠٥٨)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>