زكاة الحبوب والثمار ومقدار النصاب فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي زكاة الحبوب والثمار، وما هو مقدار النصاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
تجب الزكاة في الحبوب والثمار بإجماع العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٢/٢٩٤) : " أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ , وَالشَّعِيرِ , وَالتَّمْرِ , وَالزَّبِيبِ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ , وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ " انتهى.
ويدل على وجوب الزكاة في الحبوب والثمار قوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الأنعام / ١٤١.
والزكاة تجب في الحبوب والثمار فيما يكال ويدخر، سواء كان قوتاً أم لم يكن قوتاً؛ لما روى البخاري (١٤٨٣) عن عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) ، فالحديث عام في كل ما يخرج من الأرض سواء كان قوتاً أم لم يكن قوتا.
وروى مسلم (٩٧٩) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ) ، فدل على اعتبار التوسيق، وهو معيار من معايير الكيل. أما الادخار، فلأن النعمة لا تكتمل إلا فيما يدخر، وذلك لأن نفعه باقٍ لمدة أطول.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (٢/٢٠٥) : " وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ، كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (٦/٧٠) : " الحبوب والثمار تجب فيها الزكاة، بشرط أن تكون مكيلة مدخرة، فإن لم تكن كذلك، فلا زكاة فيها " انتهى.
ثانياً:
لا تجب الزكاة في الحبوب والثمار، إلا إذا بلغت نصاباً، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، والصاع أربعة أمداد، والمد حَفْنة بكفي الرجل المعتدل؛ لما رواه مسلم (٩٧٩) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) .
ويختلف قدر الزكاة الواجب إخراجها من الزروع والثمار باختلاف طريقة السقي.
فإن كان يُسقى بلا كلفة ولا مؤونة، كما لو سقي بماء المطر، أو العيون، ففيه العشر.
وإن كان يسقى بكلفة ومؤونة، كما لو احتاج آلة ترفع المياه ففيه نصف العشر.
ودليل ذلك حديث ابن عمر المتقدم: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) .
قال الحافظ:
(عَثَرِيًّا) قَالَ الْخَطَّابِيّ: هُوَ الَّذِي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْي.
(بِالنَّضْحِ) َالْمُرَاد بِهَا الإِبِل الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا , وَذَكَرَ الإِبِلَ كَالْمِثَالِ، وَإِلا فَالْبَقْر وَغَيْرهَا كَذَلِكَ فِي الْحُكْمِ اهـ. وهو يشبه السقي بالساقية الآن.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (٦/٧٧) : " والحكمة من ذلك: كثرة الإنفاق في الذي يسقى بمؤونة، وقلة الإنفاق في الذي يسقى بلا مؤونة، فراعى الشارع هذه المؤونة، والنفقة، وخفف على ما يسقى بمؤونة " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز (١٤/٧٤) : " ما يسقى بالأمطار والأنهار والعيون الجارية من الحبوب والثمار كالتمر والزبيب والحنطة والشعير ففيه العشر، وما يسقى بالمكائن وغيرها ففيه نصف العشر " اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب