للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أم قاسية تطلب من أبنائها العمل ثمن طعامهم! وتطلب من ابنتها العمياء أن تقتل نفسها!

[السُّؤَالُ]

ـ[يوجد أم قاسية جدّاً، لديها أولاد، لكنها تعاملهم معاملة قاسية، فهي تقول لهم: إن عليهم أن يعملوا لثمن طعامهم من بيتهم، وتخبر أباهم عنهم، فيقوم بضربهم، ولديها ابنة عمياء، تعاملها بقسوة أكثر من كل أولادها، وتقول لها: اهربي من البيت لتخلصي من هذه العيشة، فتقول الفتاة: أين سوف تذهب؟ وهي لا ترى، فتقول: سمِّمي نفسك! وتدلها لمكان السم، لكن الفتاة لا تريد أن تخسر ثوابها عند الله، مع العلم أن الأم ليست مصابة بمرض نفسي، ومن يحدثها يُعجب بشخصيتها وبكلامها، كأنها امرأة مثقفة، وإن هؤلاء الأولاد أولادها، وليسوا أولاد زوجها. السؤال: ماذا تفعل الفتاة وهي لا تستطيع أن تتخلص من قسوة أمها بشتَّى الوسائل، وهي لن يقبل بها أحد كزوجة لأنها عمياء؟ . هل تستعمل دواء قد يؤدي إلى موتها، ليخفف الألم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا ندري هل ما نقرؤه هو قصة من نسج الخيال، أم هو حقيقة واقعة! إننا لا نعلم عن الأمهات مثل هذا، ولا أقل من هذا! إننا نرى الأم من القطط، والكلاب، والصقور، والضباع، تحن على أولادها، وتعطف عليهم، وهي الأم البهيمية هي التي تفترس، أو تطير عاليا في السماء، أو تبحث في القمامات من أجل إطعام أولادها، وهذه الأم البهيمية هي التي تقاتل عدوها الذي يتربص لأولادها ليأكلهم، وهي التي تجوع من أجلهم، وتموت من أجلهم، ثم نُفجع بمثل هذه الحكاية عن أم تقسو على أبنائها، وتطلب منهم العمل، بل وتطلب من ابنتها المصابة بالعمى أن تخرج من البيت لتتلقفها الذئاب البشرية؟! وتطلب منها أن تسمم نفسها لتموت؟!

الله أكبر، سبحان الله، ما أقسى هذه القلوب، وصدق الله حين أخبرنا أن مثل هذه القلوب أشد قسوة من الحجارة الصمَّاء، قال تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة/ ٧٤، وما ألين الجبل الأصم الذي لو نزل عليه القرآن رأيناه خاشعاً متصدعاً من خشية الله، وهذه القلوب الرقيقة في خلقتها قست حتى صارت أعظم قسوة من الجبال، (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الحشر/ ٢١.

ألم تقرأ هذه الأم في القرآن الثناء على الأمهات، والوصية بهن، وتحريم عقوقهم، ووجوب برهنَّ؟ فكيف ستكون في هذه الزمرة من الأمهات وهي على مثل هذه الحال المذكورة؟! ألم تعلم أنه لا يوجد في الشرع دليل يوصي الأم بالعطف على أولادها، والحنو عليهم؟! والسبب أن ذلك من الفطرة التي فطر الأمهات عليها، ومثل هذه الفطرة أوجدها الله حتى عند البهائم، ولا تنخرم إلا عند من فقدت عقلها، ولم تدر ما تفعل، ولأن القسوة، والغلظة متوقعة من الأولاد: أوصاهم الله تعالى في كتابه كثيراً بوالديهم، وجاءت الأحكام صارمة في حكم عقوق الوالدين، والإساءة إليهم.

ثانياً:

لا ندري ما نقول في حل هذه المصيبة إلا أن ننصح بما يلي:

١. إيقاف الأب على واقع زوجته المجرمة، وتبيين الحقيقة كاملة له، وتوثيق ذلك بتسجيل، أو غيره، ويُرجى إن كان له قلب، أو شخصية مستقلة أن يكون حل ذلك الأمر على يديه.

٢. وإن لم ينفع الحل السابق: فنرى أن يُخبر الأخوال، والأعمام، بحقيقة حال هذه الأم، وأن يوضع حدٌّ لمعاناة أولادها منها، وخاصة ابنتها المصابة بالعمى.

٠٣ننصح هذه البنت المبتلاة أن تنتقل إلى بيت أحد محارمها، من أعمامها أو أخوالها، وتنظر أرفقهم بها، وأوثقهم دينا، وأكثرهم صلاحا، لتبعد عن أذى أمها، وتسلم من شرها.

٤. أن يُسعى عند أهل المروءة والنخوة ليتزوج أحدهم تلك الفتاة المصابة بالعمى، ولا تخلو الدنيا من مثل هؤلاء، ولعلَّ الله أن يرزق من يفعل ذلك أجراً عظيماً في الآخرة، إن هو احتسب فعله عند ربه تعالى، وأن يبارك له في دنياه بذرية صالحة، وجاه، ومال يستعين به على طاعة الله تعالى، وليس ذلك على الله بعزيز.

٥. ونوصي الابنة خاصة، والأولاد عامة: بالدعاء، دعاء الله أن يصلح حال أمهم، ويرقق قلبها عليهم، ودعاء الله أن يبصِّر أباهم بواقع حالهم، ويحننه عليهم، ودعاء الله تعالى أن يثبتهم على الدين، ويوفقهم لما فيه رضاه.

والله الموفق

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>