تأخذ من مال زوجها وتتصدق به دون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي ميسور الحال كثيرا والحمد لله كثيرا، ولله الحمد فأنا وزوجي نسعى نحو الاستقامة في حياتنا كلها ونرجو من الله السداد، وأحتاج للحكم الشرعي في تصرفي الآتي: آخذ من مال زوجي قدرا محددا من حين لآخر لفترات متباعدة وأجعلها في صالح الأعمال بالسر دون علم زوجي بالمال الذي آخذه منه سرا ودون علمه أيضا فيما جعلت ماله، علما أني في مرات عديدة أسأله الإذن لي في التصرف في القليل من ماله في وجوه الخير ولا يمانع ويقول لي لا تخبريني أين صرفت وذلك ولله الحمد من ثقته في بأني لا أفعل إلا خيرا بعون الله، فهل تصرفي هذا أأثم به شرعا؟ ثم هل يكون لازما علي سؤاله في كل مرة مع إعلامه بموضع التصرف في ماله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على المرأة أن تتصدق من مال زوجها إذا أذن لها بذلك، إذنا صريحا، أو علمت من خلقه وحاله رضاه بذلك.
أما إذا منعها، أو كانت تعلم أنه لا يرضى بهذا فلا يجوز لها حينئذ الصدقة من ماله بشيء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٤ / ٣٠١) :
"وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ , بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ; إحْدَاهُمَا , الْجَوَازُ ; لأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا , غَيْرَ مُفْسِدَةٍ , كَانَ لَهَا أَجْرُهَا , وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ , وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ ,
وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) . وَلَمْ يَذْكُرْ إذْنًا.
وَعَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ إلا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ , فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ؟
فَقَالَ: (ارْضَخِي مَا اسْتطَعْتِ) والرضخ هو العطاء. وفي رواية للبخاري: قال: (تَصَدَّقِي) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَلأَنَّ الْعَادَةَ السَّمَاحُ بِذَلِكَ , وَطِيبُ النَّفْسِ , فَجَرَى مَجْرَى صَرِيحِ الإِذْنِ.
وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة , لا يَجُوزُ. . . . وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. . .
فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ , وَقَالَ: لا تَتَصَدَّقِي بِشَيْءٍ , وَلا تَتَبَرَّعِي مِنْ مَالِي بِقَلِيلٍ , وَلا كَثِيرٍ. لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ " انتهى بتصرف واختصار.
ويدل على عدم جواز تصدق المرأة من مال زوجها إلا بإذنه ما رواه أبو داود (٣٥٦٥) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الطَّعَامَ؟ قَالَ: ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا) . صححه الألباني في صحيح أبي داود.
(إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا) أي الإذن الصريح، أو بدلالة الحال. قاله في عون المعبود.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن امرأة تتصدق من مال زوجها بدون إذنه، فأجابت: "الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها، والأجر بينهما؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:.. ثم ذكرت حديث عائشة المتقدّم" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٠/٨١) .
فما دام زوجك قد أذن لك بذلك فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى.
ونسأل الله تعالى أن يبارك لكما ويتقبل منكما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب