ـ[ما هي الأشياء التي يجب أن تكون من أولوياتنا في وقتنا الحالي حيث لا يوجد خليفة؟ هل يجب أن نعلم الناس الإسلام أولاً قبل إنشاء الدولة الإسلامية أم يجب إنشاء الدولة الإسلامية أولاً؟ أم يجب أن يكونوا سوياً؟
ما رأي جمهور العلماء في هذا الأمر؟ أو ما هو الرأي الأصح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
المطلوب من كل مسلم أن يقيم دين الله تعالى حسب وسعه، والإمامة إنما شرعت لأجل إقامة دين الله تعالى فلا يظن ظان أن خلو الزمان من إمام في بلد من البلدان يعني الإهمال والانكفاء وتعطيل الدّين وعدم إقامة شيء منه، وقد وُجد من أهل الضلال في هذا العصر وغيره من يقول بتعطيل إقامة شعائر الدّين كلها حتّى يُنصّب خليفة على المسلمين وتقوم الدولة الإسلامية وهذا من أسوأ ألوان الضلال ويؤدّي القول به إلى تعطيل صلاة الجمعة والجماعة وتعطيل الحجّ والجهاد ولا تُجمع زكاة ولا تٌصلى صلاة الاستسقاء ولا العيدين ولا يعيّن أئمة للمساجد ولا مؤذنّون إلى غير ذلك من إيقاف وتعطيل أحكام الدّين، وأين القائلون بهذا من قول الله تعالى:(فاتقّوا الله ما استطعتم) وأين هم من قوله عليه الصلاة والسلام: (وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) .
والواجب العناية بأمور الدين مبتدئين بالأهم فالأهم، فنتفقه في دين الله وآكد ذلك معرفة عقيدة التوحيد ثم إقامة شعائر الإسلام الظاهرة وبقية الواجبات ولا يخفى أن الاشتغال بذلك هو الأهم وكذا القيام بكل مقدور عليه، بل إنه لن توجد دولة الإسلام إلا بعد الفقه في الدين وتحقيق الإيمان والتوحيد والنجاة من الشرك كما قال سبحانه:(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً) ، والرسول صلى الله عليه وسلم مكث بمكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى الله ويعلّم التوحيد والعقيدة ويقرأ عليهم الوحي ويجادل الكفار بالتي هي أحسن ويصبر على الأذى مع صلاته وإقامته للعبادات التي شُرعت في ذلك الوقت ولم يترك تعليم الدّين مع أنّ دولة الإسلام لم تقم في مكة حينئذ، ثم كيف تقوم دولة الإسلام دون أساس عقديّ ومجتمع من المسلمين ينشأون على الإسلام ويتربون عليه ويتعلمونه ويقيمونه؟ وصدق الذي قال: أقيموا دولة الإسلام في أنفسكم تقم لكم في أرضكم.