للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز أن تدعو ربها أن يطلق فلان زوجته أو يترك خطيبته لتتزوجه هي؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز أن أدعو ربي يرزقني شخصاً معيناً؟ أنا أدعو ربي لمدة أربع سنين، هو الآن مرتبط بواحدة لم يتزوجها يعد، وهو يحبني، واستخرت وأحس قلبي يميل له كثيراً. وهل يجوز أدعو ربي أن الشخص هذا يطلق الفتاة المرتبط بها؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

يشرع للمسلم أن يسأل ربه كل ما أهمه من أمر دينه ودنياه، في صلاته وفي غير صلاته؛ فإن الدعاء عبادة، والله يحب من عبده أن يعبده ويدعوه، وقد قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر/٦٠.

وجاء في "المدونة" (١/١٩٢) :

"قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ، حَوَائِجِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَالسُّجُودِ" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"أطلق النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء ولم يقيده بشيء معين فيجوز أن تدعو بأمر يتعلق بالآخرة أو بأمر يتعلق بالدنيا، حتى لو دعوت الله في سجودك أن ييسر لك بيتا واسعا نظيفا أو سيارة مريحة وما أشبه ذلك فلا بأس به؛ لأن الدعاء عبادة لله عز وجل سواء دعوت في شيء من أمور الدنيا أو في شيء من أمور الآخرة؛ فإن مجرد دعائك الله عز وجل عبادة تقربك إلى الله سبحانه وتعالى " انتهى.

"فتاوى نور على الدرب" (٥/ ١٦٣) .

ثانياً:

لا يجوز للمسلم أن يعتدي في دعائه، قال الله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين) .

وروى أبو داود (٩٦) وابن ماجة (٣٨٦٤) عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّل رضي الله عنه أَنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ) وصححه الألباني في "سنن ابن ماجه".

ومن الاعتداء في الدعاء: سؤال الله ما لا يجوز من الحاجات، كالإضرار بالمسلم وظلمه.

ودعاؤك أن يترك هذا الشخص الفتاة التي تقدم لها ليتزوجك أنت فيه اعتداء على أختك، وظلم لها.

ومما يدل على أن ذلك ظلم لها: أنك لو كنت مكانها لن ترضي من أحد أن يدعو عليك بمثل هذا الدعاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري (١٣) ومسلم (٤٥) .

وقد روى البخاري (٦٦٠١) ومسلم (١٤٠٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَسْأَلْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا وَلْتَنْكِحْ فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا) .

قال النووي رحمه الله:

"مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث: نَهْي الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة أَنْ تَسْأَل الزَّوْج طَلَاق زَوْجَته , وَأَنْ يَنْكِحهَا وَيَصِير لَهَا مِنْ نَفَقَته وَمَعْرُوفه وَمُعَاشَرَته وَنَحْوهَا مَا كَانَ لَلْمُطَلَّقَة" انتهى.

ومعنى قوله: (ولتنكح) أي: لتتزوج هذا الرجل ولا تطلب منه طلاق زوجته، أو تتزوج بغيره ممن تيسر لها، ولا تتعلق بهذا الرجل.

فالنصيحة لك أن تعرضي عن التفكير في هذا الشخص حتى لا يجرك ذلك إلى الوقوع في شيء محرم، واسألي الله تعالى أن ييسر لك زوجاً صالحاً، فإنك لا تدرين هل هذا الشخص إن تزوجك سيكون مناسباً وصالحاً لك أم لا؟

وعليك أن ترضي بما قدره الله لك، فإن الإنسان لا يدري أين الخير له؟ قال الله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/ ٢١٦.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ويوفقك إلى ما يحب ويرضى.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>