للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شكت في قص شعرها للتحلل من الحج، فماذا تفعل؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا امرأة كبيرة السن، قمت والحمد لله بأداء فريضة الحج في العام الماضي، وبعد طواف الإفاضة طلبت من إحدى الأخوات أن تقص لي من شعري من أجل التحلل، وبعد أن عدنا إلى بلادنا أصابتني شكوك بأنه هل قصت هذه السيدة لي شعري أم لا بالشكل المطلوب؟

وأنا أطلب منكم إفادتي حتى يرتاح ضميري حول صحة حجتي.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

قرر العلماء أن من فعل العبادة انتهى منها، ثم أصابه الشك هل أتمها أم لا؟ ولم يصِل هذا الشك إلى مرتبة اليقين، فهو شك غير معتبر، والعبادة صحيحة تامة إن شاء الله تعالى.

وخاصةً إذا كان من قام بالعبادة كثير الشكوك، فمثله لا يجوز له أن يلتفت إلى شكوكه، فهي حبائل الشيطان.

قال ابن قدامة في "المغني" (٣/١٨٧) :

" إذا شك في الطهارة وهو في الطواف لم يصح طوافه ذلك؛ لأنه شك في شرط العبادة قبل الفراغ منها، فأشبه ما لو شك في الطهارة في الصلاة وهو فيها.

وإن شك بعد الفراغ منه لم يلزمه شيء؛ لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها " انتهى.

قال الزركشي في "المنثور في القواعد الفقهية" (٢/٢٥٧) :

" فرق الإمام الشافعي بين الشك في الفعل وبين الشك بعد الفعل، فلم يوجب إعادة الثاني؛ لأنه يؤدى إلى المشقة، فإن المصلي لو كُلف أن يكون ذاكرًا لما صلى لتعذر عليه ذلك ولم يطقه أحد، فسومح فيه " انتهى.

وقد سئلت اللجنة الدائمة السؤال التالي:

هل يُلتفت إلى الشك في عدد الركعات، أو عدد أشواط الطواف، أو السعي، بعد الانتهاء منها، وكذلك الحال بالنسبة للوضوء أم لا؟ بمعنى أنه لا ينظر إلى الشك بعد الانتهاء من العبادة؟

فأجابت:

" الشك بعد الانتهاء من الطواف والسعي والصلاة لا يلتفت إليه؛ لأن الظاهر سلامة العبادة " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٧/١٤٣) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين عن شخص كثير الشكوك في الصلاة، فما توجيهكم؟

فجاب:

" الشكوك الكثيرة يجب طرحها وعدم الالتفات لها؛ لأنها تلحق الإنسان بالموسوس، ولا يقتصر الشيطان على تشكيكه في ذلك، بل يشككه في أمور أخرى، حتى إنه قد تبلغ به الحال إلى أن تشككه الوساوس فيما يتعلق بالتوحيد، وصفات الله عز وجل، ويشككه في طلاق زوجته وبقائها معه، وهذا خطير على عقل الإنسان وعلى دينه.

ولهذا قال العلماء: إن الشكوك لا يلتفت إليها في ثلاث حالات:

الأولى: أن تكون مجرد وهم لا حقيقة له، فهذه مطرحة ولا يلتفت إليها إطلاقًا.

الثانية: أن تكثر الشكوك، ويكون الإنسان كلما توضأ شك، وكلما صلى شك، وكلما فعل فعلًا شك، فهذا أيضًا يجب طرحه وعدم اعتباره.

الثالثة: إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة، فإنه لا يلتفت إليه ما لم يتيقن الأمر.

مثال ذلك: لو شك بعد أن سلم من صلاته هل صلى ثلاثاً أم أربعاً في رباعية، فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك؛ لأن العبادة قد فرغت، إلا إذا تيقن أنه لم يصل إلا ثلاثًا فليأت بالرابعة ما دام الوقت قصيرًا وليسجد للسهو بعد السلام، فإن طال الفصل أعاد الصلاة كلها من جديد " انتهى.

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١٤/سؤال ٧٤٦) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>