للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل هناك أجور في الدنيا على الطاعات عدا أجور الآخرة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يأجرنا الله في هذه الحياة (الدنيا) بالإضافة إلى الدار الآخرة؟

أعني أن الله يثيبنا ويأجرنا في الحياة عن قيامنا بالصالحات ونحصل أيضا على أجور أكثر في الدار الآخرة....]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نعم، وعد الله تعالى المؤمن الذي يعمل الصالحات بالثواب العاجل في الدنيا، مع ما ينتظره من الثواب الأعظم في الآخرة.

قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل/٩٧

قال ابن القيم: فضمن لأهل الإيمان والعمل الصالح الجزاء في الدنيا بالحياة الطيبة والحسنى يوم القيامة.

وقد ورد في الكتاب والسنة ذكر جزاء بعض الأعمال الصالحة في الدنيا فمن ذلك:

١. النفقة

قال الله تعالى: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) سبأ/٣٩.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى: " يا ابن آدم أنْفِق أُنْفِق عليك ".

رواه البخاري (٤٤٠٧) ومسلم (٩٩٣) .

فالنفقة في وجوه الطاعات من أسباب سعة الرزق وزيادته.

٢. التيسير على المعسر والستر على المسلم ومعاونته:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَن نفَّس عن مؤمن كربةً من كُرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سَتر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ".

رواه مسلم (٢٦٩٩) .

٣. التواضع لله

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزّاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله ".

رواه مسلم (٢٥٨٨) .

قال المباركفوري:

" رفعه الله " في الدنيا والآخرة.

" تحفة الأحوذي " (٦ / ١٥٠) .

٤. صلة الرحم

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " مَن سرَّه أن يُبسط له في رزقه أو يُنسأ له في أثره فليصِل رحِمَه ".

رواه البخاري (١٩٦١) ومسلم (٢٥٥٧) .

قال النووي:

" ينسأ " أي: يؤخر.

و" الأثر " الأجل , لأنه تابع للحياة في أثرها.

و" بسط الرزق " توسيعه وكثرته , وقيل: البركة فيه.

وأما التأخير في الأجل ففيه سؤال مشهور , وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص , {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} وأجاب العلماء بأجوبة الصحيح منها:

أن هذه الزيادة بالبركة في عمره , والتوفيق للطاعات , وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة , وصيانتها عن الضياع في غير ذلك.

والثاني: أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ , ونحو ذلك , فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون , وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك , وهو من معنى قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} فبالنسبة إلى علم الله تعالى , وما سبق به قدره لا زيادة بل هي مستحيلة , وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تُتصور الزيادة , وهو مراد الحديث.

والله أعلم.

" شرح مسلم " (١٦ / ١١٤) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>