مربون يسألون: هل نحث طلاب المتوسطة على أداء الرواتب والوتر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن لجنة تعمل لإعداد أهداف تربوية لحلقات المرحلة المتوسطة، وقد وضعنا هدفاً كالتالي: أن يحافظ الطالب على السنن الرواتب، وصلاة الوتر، أو أن يُحثَّ الطالب على السنن الرواتب وصلاة الوتر. فنرجو منك إبداء رأيك في هذا الهدف من الناحية الشرعية، وأيضاً من الناحية التربوية، ومناسبتها للمرحلة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يمكن الاعتراض على مثل هذه الأهداف العالية، فالحث على الطاعة، والعبادة، مما ينبغي على الآباء والمربين الاهتمام به غاية الاهتمام، لأولادهم وتلامذتهم، وإذا كان هناك تقصير من الأهل في ذلك: فإن على المربين حث تلامذتهم على ما قصَّر به أهليهم، ولسنا فقط مع حث أولئك التلامذة على الرواتب والوتر، بل نحن – كذلك – مع حثهم على صيام النفل، والصدقة، وبر الوالدين، وإعانة المحتاجين، وإماطة الأذى عن الطريق، نحن مع حثهم على كل خير، وتحذيرهم من كل شرٍّ وسوء.
فعَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: (مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ) ، فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ. رواه البخاري (١٩٦٠) ومسلم (١١٣٦) .
وهذا الصيام الوارد في الحديث هو في صوم النافلة.
وقال ابن القيم رحمه الله:
"فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى: فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبَل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسنُنه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً" انتهى.
"تحفة المودود بأحكام المولود" (ص ٢٢٩) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"أوجب الله الصيام أداء على كل مسلم مكلف قادر مقيم، فأما الصغير الذي لم يبلغ: فإن الصيام لا يجب عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة) ، وذكر (الصبي حتى يبلغ) ، ولكن يجب على وليِّه أن يأمره بالصيام إذا بلغ حدّاً يطيق الصيام فيه؛ لأن ذلك من تأديبه، وتمرينه على فعل أركان الإسلام، ونرى بعض الناس ربما يترك أولاده فلا يأمرهم بصلاة، ولا صوم، وهذا غلط، فإنه مسؤول عن ذلك بين يدي الله تبارك وتعالى، وهم يزعمون أنهم لا يُصَوِّمون أولادهم شفقةً عليهم ورحمةً بهم، والحقيقة: أن الشفيق على أولاده، والراحم لهم هو من يمرِّنهم على خصال الخير، وفعل البر، لا من يترك تأديبهم، وتربيتهم تربية نافعة" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (١٩/١٩، ٢٠) .
فنحن نشجعكم على حث الشباب في المرحلة المتوسطة على أداء الرواتب، بل ونطلب المزيد من الحث على عموم الخير، وعلى التحذير من المعاصي والشر، والتربية في الصغر نافعة أشد النفع بإذن الله، والتقصير فيها والتفريط يؤدي إلى فساد عريض.
قال ابن القيم رحمه الله:
"ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج: الاعتناء بأمر خُلُقه؛ فإنه ينشَّأ على ما عوَّده المربِّي في صغره، مِن حرْد، وغضب، ولجاج، وعجلة، وخفة مع هواه، وطيش، وحدَّة، وجشع، فيصعب عليه في كِبَره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفاتٍ، وهيئاتٍ راسخة له، فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولا بدَّ يوماً ما، ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم وذلك من قبَل التربية التي نشأ عليها" انتهى.
" تحفة المودود " (ص ٢٤٠) .
ونسأل الله لكم التوفيق.
وانظر – لمزيد فائدة – جواب السؤال رقم: (١٠٣٥٢٦) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب