للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شروط إعطاء أحد الأولاد عطية دون باقيهم

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا أب ميسور، والحمد لله، لي ستة أبناء: ثلاثة ذكور، وثلاث إناث , كل الأبناء ميسورون والحمد لله , إلا الصغير، فهو معسر , وأردت أنا أنقل إلى ملكه متجرا يتّجر فيه , واستشرت في ذلك جميع إخوته فقالوا لي: لك ما تريد يا أبي، افعل ما تشاء، بل سوف نعينه شهريّاً إن شاء الله تعالى من مالنا الخاص , وملّكته المتجر، وبعد أيام وقع نقاش بين الأخ الصغير وأخت من أخواته، فقالت لي: ليس لك الحق أن تملِّكه المتجر، هذا ظلم، ثم بعد ذلك ندمت على ما قالته لي، واعتذرت. أرجو منكم أن تجيبوني جواباً شافياً، فأنا في حيرة من أمري، هل أترك المتجر في ملك ابني الصغير، أم أنقله لملكي كي لا أظلم أبنائي الآخرين؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يجب على الوالد يعدل في العطية بين أولاده جميعاً، ولا يحل له أن يعطي بعضهم ويمنع آخرين، والعدل بين الأولاد: أن يعطي للذكر مثل حظ الأنثيين.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٢٢١٦٩) .

وإذا أراد الأب تخصيص أحد أولاده بمتجر أو سيارة، لكونه محتاجاً إليه، فلابد أن يكون ذلك برضا باقي أولاده البالغين الراشدين، وأما غير الراشدين فإنهم يُعطون كما يعطى أخوهم.

ويجب أن يكون رضاهم عن طيب نفسٍ حقيقي منهم، فلا يحل للوالد أن يجعلهم يوافقون بإكراهٍ، أو خوفٍ، أو إحراج، فإن وافقوا مكرهين أو حياءً: لم يحل لوالد أن يعطي أخاهم شيئاً.

وعليه: فإن ثبت رضى أولادك – الأبناء والبنات - عن عطيتك لولدك المعسر دونهم: فلا حرج عليك بتلك العطية، وذلك التفضيل.

وإذا كانت البنت التي اعترضت على ذلك ثم اعتذرت قد رضيت عن طيب نفس فلا حرج عليك، أما إذا كان رضاها حياءً أو تجنباً لوقوع مشاكل أسرية ونحو ذلك، فإن حقها لا يسقط، ويجب عليك أن تعطيها نصف ما أعطيت لابنك هذا.

وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

رجل له أربعة أولاد، منهم واحد موظف، ومتزوج، وله خمسة أولاد، وجزء من المال الذي بيد والده توفير من رواتب الولد المذكور، مع العلم بأن هذا الولد قائم بنفقة أولاده ووالديه وإخوانه؛ لأنهم في بيت واحد، فأحب والده أن يتبرع لابنه المذكور بخمس المال الذي بيده مقابل عن عمله ودخله.

فأجاب:

"قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) متفق على صحته، فليس للوالد أن يخص بعض أولاده بشيء إلا برضا الباقين، المكلفين، المرشدين في أصح قولي العلماء؛ لكن إذا أحب أن يجعل ما قبضه من رواتبه في المستقبل قرضاً عليه، أو أمانة عنده: فلا بأس , وعليه أن يوضح ذلك في وثيقة معتمدة , وبذلك يكون قد حفظ له حقه الذي دخل عليه، أو بعضه, ولا يكون أعطاه شيئاً , وإنما هو ماله حفظه له" انتهى.

" فتاوى الشيخ ابن باز " (٢٠ / ٤٩، ٥٠) .

وسئل الشيخ رحمه الله – أيضاً -:

هل يجوز لي أن أعطي أحد أبنائي ما لا أعطيه لآخر لكون الآخر غنيّاً؟ .

فأجاب:

"ليس لكِ أن تخصي أحد أولادك الذكور والإناث بشيء دون الآخر، بل الواجب العدل بينهم حسب الميراث، أو تركهم جميعا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) متفق على صحته.

لكن إذا رضوا بتخصيص أحد منهم بشيء: فلا بأس، إذا كان الراضون بالغين، مرشدين، وهكذا إن كان في أولادك من هو مقصِّر، عاجز عن الكسب، لمرض، أو علة مانعة من الكسب، وليس له والد، ولا أخ ينفق عليه، وليس له مرتب من الدولة يقوم بحاجته: فإنه يلزمك أن تنفقي عليه قدر حاجته، حتى يغنيه الله عن ذلك" انتهى.

" فتاوى الشيخ ابن باز " (٢٠ / ٥٠، ٥١) .

وسئل الشيخ – أيضاً -:

والدي لديه بيت قديم جدّاً في موقع ممتاز، ويريد والدي تسجيل هذا البيت باسم شقيقي، وأنا راض عن ذلك، ولكن لي أخوات، وقد سألت الوالد عن نصيبهن فقال: ما عليك منهن! وقد استأذنتهن في ذلك، وأخشى أن تكون موافقتهن وسماحهن بذلك خجلا من الوالد، أفيدونا ما حكم الشرع في ذلك؟

فأجاب:

"يجب على الوالد العدل بين أولاده ذكورهم وإناثهم حسب الميراث، ولا يجوز له أن يخص بعضهم بشيء دون البقية إلا برضى المحرومين، إذا كانوا مرشدين، ولم يكن رضاهم عن خوف من أبيهم، بل عن نفس طيبة، ليس في ذلك تهديد، ولا خوف من الوالد، وعدم التفضيل بينهم أحسن بكل حال، وأطيب للقلوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) متفق على صحته" انتهى.

" فتاوى الشيخ ابن باز " (٩ / ٤٥٢) و (٢٠ / ٥١، ٥٢) .

وإذا كان ابنك هذا فقيرا محتاجا إلى المال، فلا حرج عليك أن تساعده في النفقة، وهذا لا يحتاج إلى استئذان من إخوانه، أو طلب رضاهم، لأن من العدل بين الأولاد: أن ينفق على من يحتاج منهم إلى نفقة، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (١٠٣٣٢) و (٨٣٩٨٤) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>